وَيَأْتِي إذَا سَافَرَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ سَفَرًا طَوِيلًا، ثُمَّ كُلِّفَ فِي أَثْنَائِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ " وَإِذَا أَقَامَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ ".
الْخَامِسَةُ: لَا يَقْصُرُ سَائِحٌ وَلَا هَائِمٌ لَا يَقْصِدُ مَكَانًا مُعَيَّنًا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى قَالَ فِي الْكُبْرَى: لَا يَتَرَخَّصُ فِي الْأَصَحِّ، وَقَالَ: كَذَا لَا يَتَرَخَّصُ تَائِهٌ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهُمْ كَغَيْرِهِمْ إذَا ذَهَبُوا إلَى عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى، وَهُوَ صَحِيحٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْقَصْرُ وَلَا الْجَمْعُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَقَالَ: لَا يُجْمِعُونَ وَلَا يَقْصُرُونَ عِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: جَوَازَ الْقَصْرِ وَالْجَمْعِ لَهُمْ فَيُعَايَى بِهَا وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ جَوَازَ الْجَمْعِ فَقَطْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ، فَيُعَايَى بِهَا.
تَنْبِيهَاتٌ. أَحَدُهَا: ظَاهِرُ قَوْلِهِ {إذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ} أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُفَارِقَ الْبُيُوتَ الْعَامِرَةَ وَالْخَرِبَةَ، وَهُوَ وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُفَارِقَ الْبُيُوتَ الْخَرِبَةَ، بَلْ لَهُ الْقَصْرُ إذَا فَارَقَ الْبُيُوتَ الْعَامِرَةَ، سَوَاءٌ وَلِيَهَا بُيُوتٌ خَرِبَةٌ أَوْ الْبَرِّيَّةُ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَمَّا إنْ وَلِيَ الْبُيُوتَ الْخَرِبَةَ بُيُوتٌ عَامِرَةٌ: فَلَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ الْبُيُوتِ الْخَرِبَةِ وَالْعَامِرَةِ الَّتِي تَلِيهَا قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَكَذَا لَوْ جَعَلَ الْخَرَابَ مَزَارِعَ وَبَسَاتِينَ يَسْكُنُهُ أَهْلُهُ وَلَوْ فِي فَصْلِ النُّزْهَةِ.
الثَّانِي: مَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ إلَّا إذَا فَارَقَ الْبُيُوتَ، سَوَاءٌ كَانَتْ دَاخِلَ السُّورِ أَوْ خَارِجَهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute