بِالنَّاسِي، وَمِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الَّتِي قَبْلَهَا يَعْنِي إذَا سَافَرَ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُتِمُّ مَنْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَهَا بِلَا عُذْرٍ حَتَّى ضَاقَ وَقْتُهَا عَنْهَا. وَقَاسَهُ عَلَى السَّفَرِ الْمُحَرَّمِ، وَقَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ، فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ أَنْ تُفْعَلَ فِي وَقْتِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ: إنْ سَافَرَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا لَمْ يَقْصُرْهَا؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ، وَلَا تَثْبُتُ الرُّخْصَةُ مَعَ التَّفْرِيطِ فِي الْمُرَخَّصِ فِيهِ. انْتَهَى. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ مَأْخَذًا لِمَسْأَلَةِ الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِعَدَمِ قَصْرِهَا وَجَزَمَ بِأَنَّهُ إذَا نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا: أَنَّهُ يَقْصُرُهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْقَصْرِ كَوْنُهَا مُؤَدَّاةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَهُ لَمْ يَصِحَّ قَصْرُ الْمَنْسِيَّةِ. انْتَهَى. قُلْت: فِي قَوْلِ شَيْخِنَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَدَلَّ عَلَى صَاحِبِ الْفُرُوعِ بِمَا إذَا نَسِيَهَا، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ إنَّمَا قَالَ " إذَا تَرَكَهَا عَمْدًا " وَأَنَّهُ مُقَاسٌ عَلَى السَّفَرِ الْمُحَرَّمِ، وَأَنَّ الْحَلْوَانِيَّ قَالَ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَجْوِيزِ الْحَلْوَانِيِّ قَصْرَهَا إذَا نَسِيَهَا: أَنْ يَقْصُرَهَا إذَا تَرَكَهَا عَمْدًا قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَلَا يُعْرَفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ لِلْأَصْحَابِ.
إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ، وَاسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي مَسَائِلَ، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ حُجَّةٌ. انْتَهَى. وَأَرَادَ بِذَلِكَ الْمَجْدَ قَالَ فِي النُّكَتِ: وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَهَا قَبْلَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ. انْتَهَى. وَقِيلَ: لَهُ الْقَصْرُ، وَلَوْ تَعَمَّدَ التَّأْخِيرَ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي ابْنِ تَمِيمٍ. وَقَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابْنِ رَجَبٍ وَنَصَرَهُ فِي النُّكَتِ، وَرَدَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمَجْدُ قَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي شَرْحِ الْمَجْدِ: مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَمْدًا فِي السَّفَرِ وَقَضَاهَا فِي السَّفَرِ، فَلَهُ الْقَصْرُ كَالنَّاسِي قَالَ: فَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْمَأْثَمِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute