وَعَنْهُ إنْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ صَلَاةً أَتَمَّ وَإِلَّا قَصَرَ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُنَّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَالَ فِي النَّصِيحَةِ: إنْ نَوَى الْإِقَامَةَ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ وَإِلَّا قَصَرَ. فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: يَحْسِبُ يَوْمَ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمُدَّةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ لَا يُحْسَبَانِ مِنْهَا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ إقَامَةً مُطْلَقَةً، أَوْ أَقَامَ بِبَادِيَةٍ لَا يُقَامُ بِهَا، أَوْ كَانَتْ لَا تُقَامُ فِيهَا الصَّلَاةُ: لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، وَقِيلَ: أَوْ غَيْرُهَا، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ: إقَامَةُ الْجَيْشِ لِلْغَزْوِ لَا تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ وَإِنْ طَالَتْ. لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ قَالَ فِي النُّكَتِ: يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَامَةِ الَّتِي لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ، إذَا نَوَاهَا: الْإِمْكَانُ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ لُبْثٍ وَقَرَارٍ فِي الْعَادَةِ فَعَلَى هَذَا: لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُ لَمْ يَقْصُرْ، لِأَنَّ الْمَانِعَ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي بَلْدَةٍ، وَلَمْ تُوجَدْ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي، فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: فَإِنْ كَانَ لَا يُتَصَوَّرُ الْإِقَامَةُ فِيهَا أَصْلًا، كَالْمَفَازَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ: إنَّ لَهُ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ، وَإِنَّهُ مُسَافِرٌ، مَا لَمْ يَجْمَعْ عَلَى إقَامَةٍ وَيَسْتَوْطِنُ.
قَوْلُهُ {وَإِذَا أَقَامَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ} قَصَرَ أَبَدًا. يَعْنِي إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ، وَلَا يَعْلَمُ فَرَاغَ الْحَاجَةِ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْقَصْرِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ يَجُوزُ فِيهَا الْقَصْرُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَنْقَضِي إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْقَصْرِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute