وَقَالَ فِي الْقَصْرِ: قَدْ قِيلَ: إنَّ الْجُمُعَةَ تُقْضَى ظُهْرًا. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: أَنَّهَا قَبْلَ فَوَاتِهَا لَا يَجُوزُ الظُّهْرُ. وَإِذَا فَاتَتْ الْجُمُعَةُ لَزِمَتْ الظُّهْرُ. قَالَ: فَدَلَّ أَنَّهَا قَضَاءٌ لِلْجُمُعَةِ
تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ) . أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ. فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَجْنُونِ، بِلَا نِزَاعٍ، وَلَا عَلَى الصَّبِيِّ. لَكِنْ إنَّ لَزِمَتْهُ الْمَكْتُوبَةُ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمَكْتُوبَةُ. اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَقَالَ: هُوَ كَالْإِجْمَاعِ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْقَوَاعِدُ الْأُصُولِيَّةُ، وَالزَّرْكَشِيُّ. وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
الثَّانِي: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ) أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ مُسْتَوْطِنٍ، وَلَا عَلَى مُسْتَوْطِنٍ بِغَيْرِ بِنَاءٍ، كَبُيُوتِ الشَّعْرِ، وَالْحَرَاكِي، وَالْخِيَامِ وَنَحْوِهَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَ الْأَزَجِيُّ صِحَّتَهَا وَوُجُوبَهَا عَلَى الْمُسْتَوْطِنِينَ بِعَمُودٍ أَوْ خِيَامٍ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَاشْتَرَطَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كَلَامِهِ: أَنْ يَكُونُوا يَزْرَعُونَ كَمَا يَزْرَعُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَرِيحًا.
قَوْلُهُ (لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْخِرَقِيِّ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَعَنْهُ الْمُعْتَبَرُ إمْكَانُ سَمَاعِ النِّدَاءِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute