فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: كُلُّ مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ، أَوْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِ فَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: لَوْ قِيلَ: إنْ كَانَ الْمَرِيضُ يَحْصُلُ لَهُ ضَرَرٌ بِذَهَابِهِ إلَى الْجُمُعَةِ: أَنَّ تَرْكَهَا أَوْلَى: لَكَانَ أَوْلَى.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَمَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ لِعُذْرٍ إذَا حَضَرَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَانْعَقَدَتْ بِهِ) . قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: نَحْوُ الْمَرَضِ وَالْمَطَرِ، وَمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ، وَالْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ. وَهُوَ ذَلِكَ. فَلَوْ حَضَرَهَا إلَى آخِرِهَا وَلَمْ يُصَلِّهَا، أَوْ انْصَرَفَ لِشُغْلٍ غَيْرِ دَفْعِ ضَرَرِهِ: كَانَ عَاصِيًا. أَمَّا لَوْ اتَّصَلَ ضَرَرُهُ بَعْدَ حُضُورِهِ، فَأَرَادَ الِانْصِرَافَ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ: جَازَ عِنْدَنَا، لِوُجُودِ الْمُسْقِطِ كَالْمُسَافِرِ سَوَاءٌ. لَكِنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ هُنَا عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسَافِرُ وَمَنْ دَامَ ضَرَرُهُ بِمَطَرٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ لَهُ الِانْصِرَافُ عَلَى مَا حَكَاهُ الْأَصْحَابُ. فَيَكُونُ مُرَادُهُ التَّخْصِيصَ. وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى جَمَعُوا. فَإِنَّهُ يُوجَدُ الْمُسْقِطُ فِي حَقِّهِمْ. وَهُوَ اشْتِغَالُهُمْ بِدَفْعِ ضَرَرِهِمْ. فَبَقِيَ الْوُجُوبُ بِحَالَةٍ فَيَخْرُجُ الْمُسَافِرُ. فَإِنَّ سَفَرَهُ هُوَ الْمُسْقِطُ، وَهُوَ بَاقٍ. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ. قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُوجِبَ: هُوَ حُضُورُهُمْ وَتَجْمِيعُهُمْ، فَيَكُونُ عِلَّةَ نَفْسِهِ. انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقَالَ فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ: مُرَادُهُ الْخَاصُّ، إنْ أَرَادَ بِالْحُضُورِ حُضُورَ مَكَانِهَا وَإِنْ أَرَادَ فِعْلَهَا: فَخِلَافُ الظَّاهِرِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute