للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَقْدِ شَرْطٌ فِي الدُّخُولِ فَقَطْ وَالْمُفْتُونَ بِمَا ذُكِرَ لَمْ يُعَلِّلُوا ذَلِكَ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَإِنَّمَا عَلَّلُوهُ بِفَقْدِ الصِّيغَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ اهـ.

وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَيْتِ بَعْدَ هَذَا وَهَذَا مَا أَمْكَنَ جَلْبُهُ فِي هَذَا الْمَحِلِّ وَمَنْ أَرَادَ تَتَبُّعَ الْمَسْأَلَةِ وَأَجْوِبَتِهَا وَمَا قِيلَ فِيهَا فَلْيُرَاجَعْ التَّأْلِيفَ الْمَذْكُورَ الْمُسَمَّى بِالْمَسْأَلَةِ الْأَمْلِيسِيَّةِ فِي الْأَنْكِحَةِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ الْإِغْرِيسِيَّةِ لِسَيِّدِي إبْرَاهِيمَ الْجَلَالِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ وَهُوَ تَأْلِيفٌ عَجِيبٌ فِي نَحْوِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَرِقَّةً فِي الْقَالِبِ الْكَبِيرِ.

(قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ سَمَحَ اللَّهُ لَهُ) وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَبَّاسِ سَيِّدِي أَحْمَدُ الْمُقْرِي التِّلْمِسَانِيُّ ثُمَّ الْفَاسِيُّ عَنْ هَذِهِ النَّازِلَةِ وَمِمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ أَنَّ الزَّوْجَ فَعَلَ عَادَةَ أَهْلِهِ مِنْ تَحْنِئَةِ يَدَيْهِ وَجَاءَ الْعِيدُ فَبَعَثَ لِلزَّوْجَةِ كَبْشًا وَكَانَ عَازِمًا عَلَى الْبِنَاءِ وَالْعُرْسِ فَاخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ (فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) أَنَّ هَذِهِ النَّازِلَةَ اخْتَلَفَتْ فِيهَا آرَاءُ الْأَئِمَّةِ وَفَتَاوِيهِمْ فَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّرِيفُ الْمَزْدَغِيُّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا النِّكَاحُ صَحِيحٌ فِي أَحْكَامِهِ ثَابِتَةٌ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ الْبَقِّيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ وَلَا تَكْفِي عَنْهُ الْهَدِيَّةُ وَالتَّهْنِئَةُ وَالْحِنَّاءُ وَنَحْوُهَا قَائِلًا إنَّهُ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْأَشْيَاخُ وَإِنْ اسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ ابْنُ فَتُّوحٍ قَائِلًا إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَكْفِي فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَتَبَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي. اهـ وَالظَّاهِرُ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّرِيفُ مِنْ لُزُومِ النِّكَاحِ وَتَرْتِيبِ أَحْكَامِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ مَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ أَوْ أَجْنَبِيًّا فَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ صَاحِبِ النُّكَتِ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إنْ طَالَ سُكُوتُهُ بَعْد عَقْدِ النِّكَاحِ زَادَ اللَّخْمِيُّ وَقَبْلَ التَّهْنِئَةِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ لَزِمَهُ النِّكَاحُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَغْرَمُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِإِقْرَارِهِ أَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَتِهِ (قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ) وَعَرَضْته عَلَى بَعْضِ شُيُوخِنَا فَصَوَّبَهُ. اهـ وَإِلَى اللُّزُومِ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ وَإِنْ طَالَ كَثِيرًا لَزِمَ

فَالصِّيغَةُ النُّطْقُ بِمَا كَأَنْكَحَا ... مِنْ مُقْتَضٍ تَأَبُّدًا مُسْتَوْضَحَا

لَمَّا عَدَّ الْأَرْكَانَ جُمْلَةً وَأَلْحَقَ بِهَا مَا هُوَ شَرْطٌ فِي الدُّخُولِ لَا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ رَجَعَ إلَى الْكَلَامِ عَلَى تِلْكَ الْأَرْكَانِ تَفْصِيلًا فَأَخْبَرَ أَنَّ الصِّيغَةَ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ الْخَمْسَةِ هِيَ التَّلَفُّظِ بِ أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقْتَضِي تَمْلِيكُ عِصْمَةَ وَلِيَّتِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ لِنَاكِحِهَا وَأَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى أُنْكِحَكَ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ قَصْرِهَا عَلَى صِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ (قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ) يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ دَالٍ عَلَى التَّمْلِيكِ أَبَدًا كَالْبَيْعِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الصِّيغَةُ مِنْ الْوَلِيِّ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى التَّأْبِيدِ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت وَمَلَّكْت وَبِعْت وَكَذَلِكَ وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَمِنْ الزَّوْجِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ

(وَقَالَ الْمُقْرِي فِي كُلِّيَّاتِهِ الْفِقْهِيَّةِ) كُلُّ عَقْدٍ فَالْمُعْتَبَرُ فِي انْعِقَادِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهُ لَا صِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَيَخْتَلِفُ فِي الْمُحْتَمَلِ حَيْثُ يَقَعُ النُّكُولُ (قَالَ الشَّارِحُ) لَمْ تَزَلْ الْفُتْيَا صَادِرَةً عَنْ شَيْخِنَا أَبِي الْقَاسِمِ ابْنِ سِرَاجٍ أَبْقَى اللَّهُ بَرَكَتَهُ بِعَدَمِ التَّوَارُثِ مَهْمَا مَاتَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْأَنْكِحَةِ الْمُنْعَقِدَةِ فِي الْجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ الَّتِي يَتَأَخَّرُ فِيهَا الْكَتْبُ وَالْإِشْهَادُ لِلدُّخُولِ وَيُقَدِّمُونَ فِيهَا دِينَارًا وَاحِدًا مِنْ الصَّدَاقِ وَيُسَمُّونَهُ الْمَوْزُونَ وَيَعْتَلُّ لِقَوْلِهِ بِعَدَمِ الْمِيرَاثِ فِيهِ بِأَنَّهُ فَاتَ فِيهِ الصِّيغَةُ وَمَا زَالَ الْأَصْحَابُ يُرَاجِعُونَهُ فِي ذَلِكَ بِالْبَحْثِ وَهُوَ عَلَى أَوَّلِهِ فِي فُتْيَاهُ بِذَلِكَ وَإِذَا رُوجِعَ قَوْلُ الْمُقْرِي الْمَنْقُولُ آخِرًا وَقَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْمَنْقُولِ أَوَّلًا يَظْهَرُ أَنَّ تِلْكَ الْأَنْكِحَةَ غَيْرُ خَالِيَةٍ مِنْ الصِّيغَةِ بِوَجْهٍ اهـ

وَرُبْعُ دِينَارٍ أَقَلُّ الْمُصْدَقِ ... وَلَيْسَ لِلْأَكْثَرِ حَدٌّ مَا ارْتَقَى

أَوْ مَا بِهِ قُوِّمَ أَوْ دَرَاهِمُ ... ثَلَاثَةٌ فَهِيَ لَهُ تُقَاوِمُ

وَقَدْرُهَا بِالدِّرْهَمِ السَّبْعِينِيَّ ... نَحْوٌ مِنْ الْعِشْرِينَ فِي التَّبْيِينِ

وَيَنْبَغِي فِي ذَاكَ الِاحْتِيَاطُ ... بِخَمْسَةٍ بِقَدْرِهَا تُنَاطُ

تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَلَى بَعْضِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّدَاقِ أَحَدِ الْأَرْكَانِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ (الْأُولَى) بَيَانُ قَدْرِ الصَّدَاقِ كَمْ هُوَ بِاعْتِبَارِ أَقَلِّهِ وَأَكْثَرِهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْعَرُوضِ فَأَخْبَرَ أَنَّ أَقَلَّهُ رُبْعُ دِينَارٍ شَرْعِيٌّ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَيْضًا شَرْعِيَّةٌ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مَا يُسَاوِي

<<  <  ج: ص:  >  >>