للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَضَاءُ اهـ.

وَفِي هَذَا قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ وَلَهُ يَمِينُهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ أَوَّلًا قَالَ وَكَذَا أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِفِسْقِ شُهُودِهِ وَاحْتَرَزُوا بِالْغَرَضِ الصَّحِيحِ مِنْ الدَّعْوَى مِنْ عُشْرِ سِمْسِمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِحَاكِمٍ سَمَاعُ مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا نَفْعٌ شَرْعِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكْتَفَى عَنْ هَذَا الشَّرْطِ بِوَجْهَيْهِ بِالشَّرْطِ الَّذِي قَبْلَهُ.

(الشَّرْطُ الرَّابِعُ) أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى مُحَقَّقَةً فَلَوْ قَالَ: أَظُنُّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ أَلْفًا، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْجَوَابِ: أَظُنُّ أَنِّي قَدْ قَضَيْته لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى لِتَعَذُّرِ الْحُكْمِ بِالْمَجْهُولِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا (الشَّرْطُ الْخَامِسُ) أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى مِمَّا لَا تَشْهَدُ الْعَادَةُ بِكَذِبِهَا كَدَعْوَى الْحَاضِرِ الْأَجْنَبِيِّ مِلْكَ دَارٍ بِيَدِ رَجُلٍ وَهُوَ يَرَاهُ يَهْدِمُ وَيَبْنِي وَيُؤَجِّرُ طُولَ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ مِنْ الطَّلَبِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيعِ رَهْبَةٍ أَوْ رَغْبَةٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يُعَارِضُهُ فِيهَا وَلَا يَدَّعِي أَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ ثُمَّ قَامَ يَدَّعِي أَنَّهَا لَهُ وَيُرِيدُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ، فَهَذَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ بَيِّنَتِهِ لِتَكْذِيبِ الْعُرْفِ.

(الثَّالِثُ) تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاظِمَ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ بَعْضَ شُرُوطِ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى بَقِيَّتِهَا وَأَمَّا الدَّعْوَى نَفْسُهَا فَهِيَ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ طَلَبٌ مُعَيَّنٌ أَوْ فِي ذِمَّةِ الْمُعَيَّنِ أَوْ ادِّعَاءُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا بِطَلَبِ الْمُعَيَّنِ كَدَعْوَى أَنَّ هَذَا الثَّوْبَ، أَوْ هَذِهِ السِّلْعَةَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِلْكٌ لَهُ وَغُصِبَ مِنْهُ أَوْ سُرِقَ لَهُ وَمَا فِي ذِمَّةِ الْمُعَيَّنِ كَالدَّيْنِ وَالسَّلَمِ وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ الْمُعَيَّنُ الْمُدَّعِي عِمَارَةَ ذِمَّتِهِ إمَّا مُعَيَّنٌ بِالشَّخْصِ كَزَيْدٍ أَوْ بِالصِّفَةِ كَدَعْوَى الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ الْقَتْلِ عَلَى جَمَاعَةٍ أَوْ إنَّهُمْ أَتْلَفُوا لَهُ مَالًا، وَادِّعَاءُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا إمَّا مُعَيَّنٌ، كَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ أَوْ رِدَّةَ زَوْجِهَا، فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنْ تَطْلُبَ حَوْزَ نَفْسِهَا وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ أَوْ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُعَيَّنِ، كَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الْمَسِيسَ وَدَعْوَى الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ خَطَأً، فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الدَّعْوَى فِي الْمِثَالَيْنِ طَلَبُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُعَيَّنِ، وَهُوَ كَمَالُ الصَّدَاقِ وَالدِّيَةِ، وَالتَّعْيِينُ أَيْضًا إمَّا بِالشَّخْصِ، كَالزَّوْجِ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالصِّفَةِ كَالْعَاقِلَةِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) جَعَلَ النَّاظِمُ الْمُدَّعِيَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى فِيهِ أَرْكَانًا لِلْقَضَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَدَّ فِي التَّبْصِرَةِ أَرْكَانَ الْقَضَاءِ سِتَّةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ وَلَمْ يَعُدَّ مِنْهَا وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي الْبَيْتِ، وَالظَّاهِرُ انْدِرَاجُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمَقْضِيِّ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ، وَانْدِرَاجُ الْمُدَّعَى فِيهِ فِي الْمَقْضِيِّ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْظُرْ كَيْفَ جَعَلَ النَّاظِمُ تَحَقُّقَ الدَّعْوَى وَالْبَيَانِ شَرْطَيْنِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ وَجَعَلَهُمَا ابْنُ فَرْحُونٍ شَرْطَيْنِ فِي الدَّعْوَى فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

وَالْمُدَّعِي مُطَالَبٌ بِالْبَيِّنَةِ ... وَحَالَةُ الْعُمُوم فِيهِ بَيِّنَهْ

وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ ... فِي عَجْزِ مُدَّعٍ عَنْ التَّبْيِينِ

الْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ.» فَقَوْلُ النَّاظِمِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>