للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلُّهَا جَائِزَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، خِلَافًا لِأَشْهَبَ، فِيمَا لَمْ يَحِلَّا مَعًا فَقَوْلُ النَّاظِمِ:

فَمَا اخْتِلَافٌ وَحُلُولٌ عَمَّهْ

يَعْنِي بِالِاخْتِلَافِ، إمَّا فِي الصِّفَةِ كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ، أَوْ فِي الْجِنْسِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَعَلَى الثَّانِي يَصْدُقُ قَوْلُهُ: " صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ "، وَلَوْ عَبَّرَ بِمَا يَشْمَلُ الصَّرْفَ وَالِاخْتِلَافَ فِي الصِّفَةِ لَكَانَ أَوْلَى، وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي ذَلِكَ ثَمَانِ عَشْرَةَ صُورَةً، الْجَائِزَةُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ الدَّيْنَانِ فِيهِ حَالَّيْنِ مَعًا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: " وَحُلُولٌ عَمَّهْ ".

وَأَمَّا الْمُخْتَلِفَانِ فِي الْقَدْرِ، فَالْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا مَمْنُوعَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ تِسْعٌ كَمَا تَقَدَّمَ - أَيْضًا - وَوَجْهُ مَنْعِهَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ الْعَيْنِ، وَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ التِّسْعُ فِي قَوْلِهِ:

فَمَا اخْتِلَافٌ وَحُلُولٌ عَمَّهْ

لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِاخْتِلَافُ فِي الْجِنْسِ أَوْ الصِّفَةِ، فَهُوَ الَّذِي يُفَصَّلُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَمَّا فِي الْقَدْرِ فَمَمْنُوعٌ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْمُتَّفِقَانِ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، وَهِيَ تِسْعٌ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، فَالْحُكْمُ فِيهَا الْجَوَازُ اتِّفَاقًا فِي الْحَالَيْنِ، لِقَوْلِهِ

وَفِي اللَّذَيْنِ فِي الْحُلُولِ اتَّفَقَا ... عَلَى جَوَازِ الِاتِّصَافِ اُتُّفِقَا

وَالْجَوَازُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمُؤَجَّلَيْنِ مَعًا أَوْ أَحَدِهِمَا، وَالْمَنْعُ لِأَشْهَبَ وَهُوَ قَوْلُهُ

وَفِي تَأَخُّرِ الَّذِي يُمَاثِلُ ... مَا كَانَ أَشْهَبُ بِمَنْعٍ قَائِلُ

وَقَدْ اجْتَمَعَ مِنْ الصُّوَرِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ، وَتِسْعٌ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ جِنْسًا، وَتِسْعٌ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ صِفَةً، وَتِسْعٌ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ قَدْرًا، وَتِسْعٌ فِي الْمُتَّفِقَيْنِ جِنْسًا. وَصِفَةً وَقَدْرًا

وَذَاكَ فِي الْعَرَضَيْنِ لَا الْمِثْلَيْنِ حَلْ ... بِحَيْثُ حَلَّا أَوْ تَوَافَقَ الْأَجَلْ

تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْبَيْتِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الدَّيْنَانِ عَرَضًا، وَفِي ذَلِكَ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ صُورَةً كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْعَرَضَيْنِ إمَّا أَنْ يَتَرَتَّبَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَتَّفِقَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، أَوْ يَخْتَلِفَا فِي الْجِنْسِ أَوْ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْقَدْرِ، فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشَرَ صُورَةً، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَا حَالَّيْنِ أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ؛ يَجْتَمِعُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ صُورَةً، فَأَخْبَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَنَّ الْعَرَضَيْنِ إذَا كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: " لَا الْمِثْلَيْنِ " كَمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا قِبَلَ الْآخَرِ ثَوْبٌ، وَلِلْآخَرِ عَلَى صَاحِبِهِ فَرَسٌ؛ فَإِنَّ الْمُقَاصَّةَ جَائِزَةٌ، لَكِنْ إذَا حَلَّ الدَّيْنَانِ مَعًا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَأَجَلُهُمَا مُتَّفِقٌ، كَأَنْ يَكُونَ أَجَلُهُمَا مَعًا شَهْرًا مَثَلًا، سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى الشَّهْرِ ابْتِدَاءً أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِشَهْرَيْنِ، وَمَضَى لَهُ شَهْرٌ ثُمَّ أَوْقَعَا الْمُعَامَلَةَ الثَّانِيَةَ لِشَهْرٍ، فَتَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ الْآنَ؛ لِاتِّفَاقِ بَاقِي الْأَجَلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ سَلْمُونٍ: وَإِنْ كَانَ مَا لِأَحَدِهِمَا قِبَلَ الْآخَرِ عَرَضًا، خِلَافَ عَرَضِ صَاحِبِهِ غَيْرَ طَعَامٍ، فَالْمُقَاصَّةُ جَائِزَةٌ، إنْ كَانَا حَالَّيْنِ أَوْ مُؤَخَّرَيْنِ إلَى أَجَلٍ مُتَّفِقٍ، وَإِنْ كَانَا لِأَجَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَمْ تَجُزْ الْمُقَاصَّةُ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ فِي الْعَيْنِ وَالْعَرَضِ، وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ اهـ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ حَلَّا أَوْ تَوَافَقَ الْأَجَلُ، أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَحِلَّا، وَلَكِنَّ أَجَلَهُمَا مُخْتَلِفٌ، كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا لِشَهْرٍ وَالْآخَرُ لِشَهْرَيْنِ، فَإِنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَجُوزُ الْآنَ، وَانْظُرْ الْحُكْمَ إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا هَلْ تَجُورُ الْمُقَاصَّةُ الْآنَ أَمْ لَا؟ وَأَمَّا قَبْلَ حُلُولِ الْقَرِيبِ مِنْهُمَا فَلَا تَجُوزُ؛ لِكَوْنِهِمَا لِأَجَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَيَدْخُلُ فِي الْعَرَضَيْنِ غَيْرِ الْمِثْلَيْنِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ إمَّا فِي الْجِنْسِ، أَوْ فِي الصِّفَةِ، أَوْ فِي الْقَدْرِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ.

فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا حَالَّانِ أَوْ مُؤَجَّلَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ، فَهَذِهِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً، الْجَائِزُ مِنْهَا مَا كَانَا حَالَّيْنِ أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ لِأَجَلٍ مُتَّفَقٍ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: " لَا الْمِثْلَيْنِ " أَنَّ الْعَرَضَيْنِ إذَا كَانَا مُتَمَاثِلَيْنِ يَعْنِي فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ فَإِنَّ الْمُقَاصَّةَ جَائِزَةٌ مُطْلَقًا لَا يُقَيِّدُ حُلُولُهُمَا، أَوْ تَوَافُقُ أَجَلِهِمَا، بَلْ تَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ وَسَوَاءٌ حَلَّا مَعًا أَوْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ حَلَّ وَاحِدٌ فَقَطْ، فَالصُّوَرُ التِّسْعُ كُلُّهَا جَائِزَةٌ قَالَ الشَّيْخُ بَهْرَامُ فِي فَصْلِ الْمُقَاصَّةِ وَتَجُوزُ فِي الْعَرَضَيْنِ مُطْلَقًا إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا وَصِفَةً فَقَوْلُهُ وَذَاكَ أَيْ " الْمُقَاصَّةُ " الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي الْبَيْتِ قَبْلَهُ " بِالِانْتِصَافِ "؛ وَلِذَلِكَ أَتَى بِاسْمِ الْإِشَارَةِ مُذَكَّرًا وَحَلَّ أَيْ جَازَ خَبَرٌ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>