للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُرْفَ يَشْهَدُ لِلْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْكَثِيرِ فَإِنْ لَمْ يَبْنِ بِهِ وَإِنَّمَا وَقَعَ النِّزَاعُ بِالْحَضْرَةِ فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ بَعْدَ أَخْذِهِ لِلسِّلْعَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْبَائِعِ وَإِنْ ادَّعَى دَفْعَهُ قَبْلَ أَخْذِهِ لِلسِّلْعَةِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

قِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَقِيلَ قَوْلُ الْبَائِعِ، ثَالِثُهَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا الْعَادَةُ فِيهِ أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَشْهَدَ الْعُرْفُ لِلْبَائِعِ بِكَوْنِ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْمَبِيعَ كَأَنْ يَشْهَدَ الْمُشْتَرِي بِتَقَرُّرِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ مُقْتَضٍ لِقَبْضِ الْمَثْمُونِ فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ قَبَضَهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ قَامَ الْمُشْتَرِي بِالْقُرْبِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعٍ لِأَصْلِ ... أَوْ صِحَّةٍ فِي كُلِّ فِعْلٍ فِعْلِ

مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَاكَ عُرْفٌ جَارِ ... عَلَى خِلَافِ ذَاكَ ذُو اسْتِقْرَارِ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْخَصْمَانِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْأَصْلَ وَادَّعَى الْآخَرُ خِلَافَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُدَّعِي فِيهِ عُرْفٌ جَارٍ قَدْ اسْتَقَرَّ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي مُقْتَضَى ذَلِكَ الْعُرْفِ الْجَارِي عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ الْفَسَادَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ عُرْفٌ جَارٍ قَدْ اسْتَقَرَّ عَلَى الْفَسَادِ فَإِنَّهُ يُرْجِعُ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي مُقْتَضَى ذَلِكَ الْعُرْفِ الْجَارِي عَلَى خِلَافِ الصِّحَّةِ

(قَالَ الشَّارِحُ) وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ بَابِ تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ الْمَبْحُوثِ فِيهِمَا عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ. اهـ فَمِثَالُ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَصْلِ وَخِلَافِهِ اخْتِلَافُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْبَتِّ وَالْخِيَارِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبَتِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْبُيُوعِ إلَّا إنْ جَرَى الْعُرْفُ فِي مَوْضِعٍ إنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ لَا تُبَاعُ إلَّا عَلَى خِيَارٍ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ لِأَنَّهُ صَارَ أَصْلًا فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَدَمَ الشَّرْطِ فِي بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ وَادَّعَى الْآخَرُ الشَّرْطَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي عَدَمِ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.

وَكَذَا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَمَرَهُ وَكِيلُهُ بِشِرَاءِ حِنْطَةٍ فَاشْتَرَى تَمْرًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْآمِرَ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالْوَكَالَةِ عَلَى الشِّرَاءِ فَلَمَّا اسْتَهْلَكَ الثَّمَنَ ادَّعَى مَا يُوجِبُ تَضْمِينَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْآمِرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَكَمَنِ ادَّعَى سِلْعَةً بِيَدِ رَجُلٍ وَقَالَ اسْتَوْدَعْتُكَهَا وَقَالَ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ وَهَبْتَنِيهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السِّلْعَةِ. وَمِثَالُ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ ادِّعَاءُ أَحَدِهِمَا مُسَاقَاةً جَائِزَةً وَالْآخَرِ مُسَاقَاةً لَا تَجُوزُ، أَوْ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْ لِلسَّلَمِ أَجَلًا، وَقَالَ الْآخَرُ ضَرَبْنَا أَجَلَ شَهْرَيْنِ مَثَلًا، أَوْ ادَّعَى السَّلَمَ إلَيْهِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فِي ذَاكَ كُلِّهِ، وَيَكُنْ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي تَامَّةٌ وَفِي ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِيَكُنْ عَلَى قَوْلٍ، وَعُرْفٌ فَاعِلُ يَكُنْ وَجَارٍ وَذُو اسْتِقْرَارٍ صِفَتَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>