للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي لَا تُرَادُ إلَّا لِخَرَاجِهَا وَلَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَالْفُرْنِ وَالْحَمَّامِ وَالرَّحَى وَالْحَانُوتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ هَلْ تَجِبُ فِيهَا شُفْعَةٌ أَوْ لَا وَبِوُجُوبِهَا الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَفِي غَيْرِ الْمُنْقَسِمِ كَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلِضَرَرِ الْقِسْمَةِ.

(التَّوْضِيحُ) يَعْنِي فِي الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ إلَّا بِضَرَرٍ قَوْلَانِ وَهُمَا لِمَالِكِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا اهـ وَبِعَدَمِ الشُّفْعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَبِالشُّفْعَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَعَدَمُ الشُّفْعَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفِيدِ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَأَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ قُرْطُبَةَ لَمَّا جَمَعَهُمْ الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ إذْ كَانَ بِهِ الْقَضَاءُ عِنْدَهُمْ فَرَفَعَ الشَّفِيعُ أَمْرَهُ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ حُكِمَ عَلَيَّ بِغَيْرِ قَوْلِ مَالِكٍ فَوَقَّعَ بِخَطِّ يَدِهِ إلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ فَجَمَعَ الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ الْفُقَهَاءَ وَشَاوَرَهُمْ فَقَالُوا مَالِكٌ يَرَى فِي الْحَمَّامِ الشُّفْعَةَ فَقَضَى مُنْذِرٌ بِذَلِكَ وَحَكَمَ لَهُ بِهَا.

(وَقَالَ ابْنُ الْحَارِثِ) : وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ أَنَّهُ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَ الشُّيُوخِ بِقُرْطُبَةَ بِإِيجَابِ الشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ كَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ أَيْ مِنْ الْأَبْرِحَةِ وَالْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَالشَّجَرَةِ الْوَاحِدَةِ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَمَنْشَأُ الْقَوْلَيْنِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَهَلْ ذَلِكَ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَتَجِبَ الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَتَضَرَّرَ بِشَرِكَةِ الدَّاخِلِ أَوْ إنَّمَا ذَلِكَ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ لَهُ طَلَبُ الْبَاقِينَ بِالْقِسْمَةِ فَإِذَا اشْتَرَى أَجْنَبِيٌّ مِنْ أَحَدِهِمْ خَشِيَ الْبَاقُونَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إلَى الْقِسْمَةِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مُضِرًّا بِهِمْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِحْدَاثِ مَرَافِقَ فِي نَصِيبِهِ غَالِبًا فَشُرِعَتْ الشُّفْعَةُ لِدَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ فَعَلَى هَذَا لَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِعَدَمِ حُصُولِ هَذَا الضَّرَرِ فِيهِ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ اهـ.

وَإِلَى مَا حُكِمَ بِهِ بِقُرْطُبَةَ مِنْ الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ " وَالْقَضَا. بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ قَدْ مَضَى " وَإِلَى الْقَوْلَيْنِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ إنْ انْقَسَمَ وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ وَعُمِلَ بِهِ وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَرَّبِ قَالَ سَحْنُونُ: قُلْت لَهُ أَرَأَيْتَ الْحَمَّامَ هَلْ فِيهِ شُفْعَةٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ أَيْضًا قُلْت لَهُ فَالْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا بَيْتُ الرَّحَى وَالْأَرْضُ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ إلَى الرَّحَى إذَا بِيعَ ذَلِكَ مَعَ الرَّحَى قَالَ يَكُونُ فِي الْأَرْضِ وَالْبَيْتِ الشُّفْعَةُ وَلَيْسَتْ الرَّحَى مِنْ الْبُنْيَانِ إنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ حَجَرٍ مُلْقًى فِي الدَّارِ وَكَذَلِكَ الرَّحَى الَّتِي يَجُرُّهَا الدَّوَابُّ هِيَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِي كِتَابِ الْجِدَارِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْأَرْضِ الَّتِي بُنِيَ فِيهَا بَيْتُ الرَّحَى أَنَّهُ قَالَ إذَا بِيعَتْ الرَّحَى مِنْ أَصْلِهَا فَفِيهَا وَفِي الْمَطَاحِينِ وَجَمْعِ مَا كَانَ فِيهَا مَبْنِيًّا الشُّفْعَةُ وَإِذَا بَاعَ الْحِجَارَةَ وَحْدَهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا قَالَ عِيسَى وَبِهَذَا آخُذُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي أَعْدَلُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ.

وَفِي الثِّمَارِ شُفْعَةٌ إنْ تَنْقَسِمْ ... وَذَا أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي ذَاكَ الْتُزِمْ

وَمِثْلُهُ مُشْتَرَكٌ مِنْ الثَّمَرْ ... لِلْيُبْسِ إنْ بَدْوُ الصَّلَاحِ قَدْ ظَهَرْ

تَكَلَّمَ فِي الْبَيْتَيْنِ عَلَى الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ عَلَى مَا اخْتَارَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهَا قَالَ وَمَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلِي قَالَ إنَّ فِي الثَّمَرِ شُفْعَةً وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَسْتَحْسِنُهُ اهـ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْمُشْتَرَكِ مِنْ الثِّمَارِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ الِاشْتِرَاكُ فِي الثَّمَرَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا كَحَائِطٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَشَفَعَهُ شَرِيكُهُ وَكَانَ فِي الْأَصْلِ ثِمَارٌ فِي وَقْتِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَإِمَّا مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاكٍ فِي الْأَصْلِ فِي الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا كَالْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ وَالْمُسَاقَى بِأَيْدِيهِمْ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ هُوَ مُرَادُ النَّاظِمِ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي هُوَ مُرَادُهُ بِالْبَيْتِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنْ بَابِ الْمَشْفُوعِ بِالتَّبَعِ لِغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمِثْلُ بِئْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>