للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَفَحْلِ النَّخْلِ الْبَيْتَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الْمَشْفُوعِ اسْتِقْلَالًا ثُمَّ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ حَيْثُ يَبِيعُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَصْلِ لَا يَخْلُو ذَلِكَ الْأَصْلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثِمَارٌ يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ فِيهِ ثِمَارٌ يَوْمَ الْبَيْعِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَأْبُورَةً أَوْ مَزْهِيَّةً أَوْ غَيْرَ مَأْبُورَةٍ وَلَا مَزْهِيَّةً وَكَذَا يُفَصَّلُ فِي وَقْتِ قِيَامِ الشَّفِيعِ كَمَا يَأْتِي.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) اُخْتُلِفَ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ مُفْرَدَةً إلَى قَوْلِهِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ اهـ.

وَإِلَى مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ هَذِهِ أَشَارَ الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نَظَائِرِ الرِّسَالَةِ بِقَوْلِهِ وَقَالَ مَالِكٌ بِاخْتِيَارِ الْبَيْتَيْنِ (وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا مَا نَصُّهُ هَذَا إنْ انْفَرَدَتْ بِالْبَيْعِ وَأَمَّا إنْ بِيعَتْ مَعَ الْأَصْلِ فَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلٍ فَإِنْ اشْتَرَى النَّخْلَ لَا ثَمَرَ فِيهَا فَقَامَ الشَّفِيعُ قَبْلَ الْإِبَارِ فَالثِّمَارُ لَهُ مَعَ الْأَصْلِ اتِّفَاقًا قُلْتُ لِقَوْلِهَا فِي الْقَسَمِ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْإِبَارِ كَجُزْءٍ مِنْ النَّخْلِ قَالَ وَأَمَّا إنْ قَامَ بَعْدَ الْإِبَارِ فَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ الْأَصْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ إنْ اشْتَرَاهَا مَأْبُورَةً أَوْ غَيْرَ مَأْبُورَةٍ ثُمَّ أَبَّرَهَا الْمُبْتَاعُ فَلِلشَّفِيعِ الْأَصْلُ دُونَهَا لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ وَمَأْبُورُ الثِّمَارِ لِلْبَائِعِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ وَعَلَى أَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأَصْلِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ مَا أَنْفَقَ الْمُشْتَرِي وَسَقَى وَعَالَجَ (الْبَاجِيُّ) .

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ فَاتَتْ الثَّمَرَةُ بِالْجِذَاذِ وَالْيُبْسِ أَخَذَ الشَّفِيعُ الْأَصْلَ بِكُلِّ الثَّمَنِ لَا يُوضَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِلثَّمَرَةِ وَلَا حِصَّةَ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ يَوْمَ الشِّرَاءِ مَأْبُورَةً فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا حُكْمُ الشُّفْعَةِ مَا لَمْ تَيْبَسْ فَإِنْ يَبِسَتْ فَلَا شُفْعَةَ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَصْلَ بِمَنَابِهِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا مُزْهِيَةً فَقَالَ أَشْهَبُ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْأَصْلِ دُونَ الثَّمَرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: فِيهَا الشُّفْعَةُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الثَّمَرَةُ لِلشَّفِيعِ مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ فَإِنْ جُذَّتْ حُطَّ عَنْ الشَّفِيعِ حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ اهـ.

هَذَا حُكْمُ الشُّفْعَةِ فِي الثَّمَرَةِ إذَا بِيعَ الْأَصْلُ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ ثُمَّ حَدَثَتْ وَقَامَ الشَّفِيعُ قَبْلَ الْيُبْسِ أَوْ الْجَذِّ وَأَمَّا إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ وَحْدَهَا سَوَاءٌ بَاعَهَا الشَّرِيكُ فِي الْأَصْلِ أَوْ فِي الثَّمَرَةِ فَقَطْ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ مُجَرَّدًا ثَالِثُهَا إنْ كَانَ الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا لِلْمَشْهُورِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمُحَمَّدٌ عِيَاضٌ: إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَصْلِ يَأْخُذُهَا مَا لَمْ تُجَذَّ وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ أَصْلٍ فَالشُّفْعَةُ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ فِي الْوَجْهَيْنِ وَظَاهِرُ اخْتِصَارِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَأَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ ثُمَّ قَالَ الْبَاجِيُّ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمُعْظَمُ أَصْحَابِهِ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ فِي الثَّمَرَةِ أَشْهَبُ لِأَنَّهَا تَنْقَسِمُ بَعْدَ الْجِذَاذِ كَالْأَرْضِ يُرِيدُ إذَا قُسِمَتْ فِي النَّخْلِ قَبْلَ الْجَذِّ وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَرَوَاهُ الْقَاضِي.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَوْلُهُ أَنْ تَنْقَسِمْ إنْ قُرِئَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِنْ شَرْطِيَّةٌ كَمَا هُوَ الْجَارِي عَلَى الْأَلْسِنَةِ فَانْظُرْ مَا مَعْنَاهُ لِأَنَّ الثِّمَارَ بَعْدَ الْجِذَاذِ كُلَّهَا تُقْسَمُ وَلَا إشْكَالَ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَغَيْرُ الثَّمَرِ وَالْعِنَبِ يُقْسَمُ عَلَى التَّحَرِّي بِشَرْطِ أَنْ يُجَذَّ مَكَانَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَسْمُهُ وَأَمَّا التَّمْرُ وَالْعِنَبُ فَيُقْسَمَانِ بِالتَّحَرِّي أَيْضًا بِشُرُوطٍ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ وَتَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ إنْ لَمْ يَجُذَّاهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا كَبَعْلٍ وَذَاتِ بِئْرٍ أَوْ غَرَبٍ ثُمَّ قَالَ إلَّا التَّمْرَ وَالْعِنَبَ إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ إلَخْ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ مِثْلُ هَذَا وَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّهَا كُلَّهَا تَنْقَسِمُ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ عَلَى التَّحَرِّي بَعْضَهَا بِشَرْطٍ وَاحِدٍ وَبَعْضَهَا بِشُروُطٍ فَمَا مَعْنَى اشْتِرَاطِ الْقَسْمِ الَّذِي فِي كَلَامِ النَّاظِمِ.

وَأَقْرَبُ مَا ظَهَرَ لِي فِي الْوَقْتِ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ لَا شَرْطٌ فِيهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنَّمَا وَجَبَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِكَوْنِهَا تَنْقَسِمُ وَقَبُولُ الْقِسْمَةِ شَرْطٌ فِي كُلِّ مَا يُشْفَعُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَيُقْرَأُ " أَنْ تَنْقَسِمْ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَنْقَسِمَ وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ تَعْلِيلًا لَا شَرْطًا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَاحِبِ التَّوْضِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>