للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرِيبًا عَنْ أَشْهَبَ فِي تَعْلِيلِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ لِأَنَّهَا تَنْقَسِمُ بِالْجُذُوذِ كَالْأَرْضِ وَيَسْتَرْوِحُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ النَّاظِمِ

وَذَا أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي ذَاكَ اُلْتُزِمَ

فَإِنَّهُ رَاجِعٌ لِلتَّعْلِيلِ بِالِانْقِسَامِ أَيْ إنَّ تَعْلِيلَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ بِهِ لِانْقِسَامٍ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْقَسْمِ فِي الْمَشْفُوعِ وَالثِّمَارُ تَنْقَسِمُ فَفِيهَا الشُّفْعَةُ يَعْنِي وَأَحْرَى فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ الَّذِي لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فَمَفْهُومُ الْمَشْهُورِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ لِأَنَّ مَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ يُشْفَعُ اتِّفَاقًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ وَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ وَفِي الثِّمَارِ شُفْعَةٌ وَيَكُونُ مُقَابِلُهُ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَهُوَ لِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ كَمَا تَقَدَّمَ آخِرَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ.

(الثَّانِي) قَوْلُهُ لِلْيُبْسِ هُوَ رَاجِعٌ لِمَا إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ مَعَ الْأَصْلِ وَلِمَا إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ وَحْدَهَا فَإِذَا يَبِسَتْ الثَّمَرَةُ وَهِيَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَقِيلَ إنَّمَا تَسْقُطُ بِالْجَذِّ وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ.

(الثَّالِثُ) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْيُبْسِ هَلْ هُوَ حُضُورُ وَقْتِ جِذَاذِهَا أَوْ ارْتِفَاعِ مَنْفَعَتِهَا بِبَقَائِهَا فِي أَصْلِهَا.

(قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) وَمَعْنَى يُبْسِهَا هُوَ حُضُورُ وَقْتِ جِذَاذِهَا لِلتَّيْبِيسِ إنْ كَانَتْ تَيْبَسُ أَوْ لِلْأَكْلِ إنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ وَكَذَا هُوَ النَّصُّ لِابْنِ كِنَانَةَ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قُلْت ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنْ يُبْسَهَا ارْتِفَاعُ مَنْفَعَتِهَا بِبَقَائِهَا فِي أَصْلِهَا لَا حُضُورُ وَقْتِ قِطَافِهَا فَقَدْ يَحْضُرُ وَيَكُونُ لِبَقَائِهَا زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ كَالْعِنَبِ وَالرُّمَّانِ عِنْدَنَا.

(الرَّابِعُ) قَوْلُهُ إنْ بَدْوُ الصَّلَاحِ قَدْ ظَهَرَ شَرْطٌ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا فَإِذَا بِيعَتْ بَعْدَ ظُهُورِ صَلَاحِهَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا بِيعَتْ قَبْلَهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَّا أَنْ تَفُوتَ أَمَّا إنْ بِيعَتْ الثَّمَرَةُ مَعَ الْأَصْلِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَدْوُ الصَّلَاحِ.

(الْخَامِسُ) قَالَ الْقَاضِي الْمِكْنَاسِيُّ فِي مَجَالِسِهِ وَقَدْ فَرَّقُوا فِي الثَّمَرَةِ بَيْنَ الْمُدَّخَرِ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ وُجُوبُهَا فِي الْمُدَّخَرِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ أَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ بِهَذَا مَضَى الْعَمَلُ انْتَهَى مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ، فَقَوْلُهُ فَرَّقُوا فِي الثَّمَرَةِ بَيْنَ الْمُدَّخَرِ أَيْ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يُدَّخَرُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ هَذَا مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّ الشُّفْعَةَ فِي الثِّمَارِ الْخَرِيفِيَّةِ دُونَ الصَّيْفِيَّةِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكَوْنِهِ يَبِيعُهَا أَوْ يَأْكُلُهَا وَسَمِعْت مَنْ عَلَّلَ ذَلِكَ بِضَرَرِ دُخُولِ الْمُشْتَرِي فِي الثِّمَارِ الْخَرِيفِيَّةِ لِطُولِ زَمَنِ جِذَاذِهَا بِخِلَافِ الصَّيْفِيَّةِ لِقِصَرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا نَقَلَهُ الْمِكْنَاسِيُّ عَنْ الْعَبْدُوسِيُّ نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ بِأَبْيَنَ مِنْ هَذَا وَلَفْظُهُ أَوَائِلَ نَوَازِلِ الشُّفْعَةِ.

وَسُئِلَ سَيِّدِي عَبْدُ اللَّهِ الْعَبْدُوسِيُّ عَنْ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ الصَّيْفِيَّةِ وَالْخَرِيفِيَّةِ هَلْ فِيهَا شُفْعَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُشْرَى لِلْبَيْعِ وَالشَّفِيعُ إذَا شَفَعَ لِلْبَيْعِ لَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَشْفَعُ لِلْبَيْعِ فَهَلْ ذَلِكَ إنْ بَاعَهَا فِي رُءُوسِ الْأَشْجَارِ قَبْلَ قَطْعِهَا كَمَا اشْتَرَاهَا أَوْ مُطْلَقُ الْبَيْعِ وَلَوْ بَعْدَ قَطْعِهَا مُجَزَّأً يَوْمًا فَيَوْمًا وَهَلْ فِي حَبِّ الزَّيْتُونِ شُفْعَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَخْذُهُ لِيُبَاعَ زَيْتُهُ بَعْدَ عَصْرِهِ فَأَجَابَ مَتَى عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْلِ الثِّمَارِ وَلَا عَلَى ادِّخَارِهَا بَلْ يَأْكُلُ الْبَعْضَ وَيَبِيعُ الْبَعْضَ كَالْفَاكِهَةِ الصَّيْفِيَّةِ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تُدَّخَرُ وَكَذَا الْخَرِيفِيَّةُ إذَا كَانَ يَبِيعُهَا وَلَا يَدَّخِرُهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا بِهَذَا جَرَى الْعَمَلُ مِنْ زَمَنِ سَيِّدِي عِيسَى بْنِ عَلَّالٍ إلَى الْآنَ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إذَا كَانَ بِبَيْعٍ لَا وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى ذَلِكَ مَا دَامَتْ فِي أَشْجَارِهَا وَبَاعَهَا كَذَلِكَ وَنُصُوصُهُمْ تَدُلُّ عَلَى هَذَا وَكَذَا حُكْمُ حَبِّ الزَّيْتُونِ وَالشُّفْعَةُ فِيهِ وَاجِبَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ فِي الْوَقْتِ قِيلَ وَأَصْحَابُنَا الْفَاسِيُّونَ مُخَالِفُونَ لَهُ عَمَلًا بِفَتْوَى شَيْخِهِمْ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهَا كَانَ الْمَشْفُوعُ مِنْهَا يُرَادُ لِلْبَيْعِ اهـ.

وَلَمْ تُبَحْ لِلْجَارِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ ... وَفِي طَرِيقٍ مُنِعَتْ وَأَنْدَرِ

وَالْحَيَوَانِ كُلِّهِ وَالْبِئْرِ ... وَجُمْلَةِ الْعُرُوضِ فِي الْمَشْهُورِ

وَفِي الزُّرُوعِ وَالْبُقُولِ وَالْخُضَرْ ... وَفِي مُغَيَّبٍ فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرْ

وَنَخْلَةٍ حَيْثُ تَكُونُ وَاحِدَهْ ... وَشِبْهُهَا وَفِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَهْ

مَا لَمْ تُصَحَّحْ فَبِقِيمَةٍ تَجِبْ ... كَذَاك ذُو التَّعْوِيضِ ذَا فِيهِ يَجِبْ

وَالْخُلْفُ فِي صِنْفِ الْمَقَاثِي وَاشْتَهَرْ ... وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ الْمُعْتَبَرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>