للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَشْرُ مَسَائِلَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا بَعْضُهَا اتِّفَاقًا وَبَعْضُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ.

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ وَالْقَوْلُ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لَهُ شَاذٌّ بَلْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ الْخَطَأِ الَّذِي يَنْتَقِضُ بِهِ حُكْمُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ الْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ اهـ وَعَلَى هَذَا فَكَانَ النَّاظِمُ فِي غِنًى عَنْ الْإِشَارَةِ إلَى هَذَا الْخِلَافِ لِشُذُوذِهِ.

(الثَّانِيَةُ) الطَّرِيقُ فَإِذَا كَانَتْ طَرِيقٌ لِدُورٍ مَثَلًا فَبَاعَ أَحَدُ أَرْبَابِ الدُّورِ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا إذْ لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا فِيهَا وَأَمَّا الطَّرِيقُ فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّورِ كُلِّهِمْ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ فِيهَا الشُّفْعَةَ لِأَجْلِ الِاشْتِرَاكِ فِيهَا الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهَا لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِمَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَهُوَ الدَّارُ فَكَمَا لَا شُفْعَةَ فِي الْمَتْبُوعِ وَهُوَ الدَّارُ فَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ فِي التَّابِعِ وَهُوَ الطَّرِيقُ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَجْرِي فِي الْأَنْدَرِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَوْضِعُ تَيْبِيسِ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ فَإِذَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَرْبَابِ دُورٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِي الْأَنْدَرِ كَالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ.

(تَنْبِيهٌ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا فِي نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ وَنَقَلَهَا الْمَوَّاقُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَخِيَارٌ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ وَنَصُّ النَّوَازِلِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْحَائِطِ يَكُونُ بَيْنَ دَارَيْنِ لِرَجُلَيْنِ وَالْحَائِطُ خَاصَّةً مُشْتَرَكٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا دَارِهِ بِحُقُوقِهَا فَدَخَلَ الْحَائِطُ فِي الشِّرَاءِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُقَوِّمَ بِالشُّفْعَةِ وَتُقَوَّمُ الدَّارُ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِ الْحَائِطِ وَتُقَوَّمُ بِالْحَائِطِ فَمَا نَابَ الْحَائِطَ مِنْ الثَّمَنِ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ كَشَيْءٍ بِيعَ لَا شُفْعَةَ فِيهِ مَعَ شَيْءٍ فِيهِ شُفْعَةٌ أَنَّ الثَّمَنَ يَفِيضُ عَلَى ذَلِكَ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمَا يَنُوبُ مَالَهُ الشُّفْعَةَ فِيهَا وَيَسْقُطُ مَنَابُ الشَّيْءِ الْآخَرِ اهـ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) الْحَيَوَانُ كُلُّهُ أَيْ عَاقِلًا كَانَ الرَّقِيقُ أَوْ غَيْرُ عَاقِلٍ كَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا نَصِيبَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِلْآخَرِ وَحَكَى فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ قَوْلًا بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الْحَيَوَانِ نَعَمْ لِلشَّرِيكِ بَيْعُ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَيُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى ضَمِّ الصَّفْقَةِ أَوْ تَكْمِيلِهَا لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مَدْخَلُهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً إمَّا بِشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ مَذْكُورَةً فِي مَحَلِّهِ وَقَدْ ذَكَرْت مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ فُرُوعِ بَيْعِ الصَّفْقَةِ آخِرَ شَرْحِنَا الْمُسَمَّى بِفَتْحِ الْعَلِيمِ الْخَلَّاقِ فِي شَرْحِ لَامِيَّةِ الْفَقِيهِ الزَّقَّاقِ وَكَذَا آخِرَ بَابِ الْبُيُوعِ مِنْ نَظْمِنَا الْمُسَمَّى بِبُسْتَانِ فِكَرِ الْمُهَجِ فِي تَكْمِيلِ الْمَنْهَجِ.

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) الْبِئْرُ الْوَاحِدَةُ إذَا قُسِمَتْ الْأَرْضُ وَبَقِيَتْ الْبِئْرُ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّرِيكِ لِأَنَّ الْبِئْرَ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ وَهِيَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا لِقِسْمَتِهَا.

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) الْعُرُوض كَالثِّيَابِ وَالسِّلَعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا إلَّا إذَا بَاعَ الشَّرِيكُ جَمِيعَ ذَلِكَ فَلِلشَّرِيكِ تَكْمِيلُ الصَّفْقَةِ أَوْ ضَمُّهَا كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَفِي التَّوْضِيحِ) لَا شُفْعَةَ عِنْدَنَا فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَحَكَى الْإسْفَرايِينِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ وَهَذَا لَا يَعْرِفُهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ ثُمَّ بَحَثَ فِيهِ اُنْظُرْهُ إنْ شِئْت فَإِنْ كَانَ النَّاظِمُ أَشَارَ بِمُقَابِلِ الْمَشْهُورِ لِهَذَا الْقَوْلِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا تَتَأَكَّدُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.

(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) الزَّرْعُ وَالْبُقُولُ وَالْخُضَرُ وَمَا كَانَ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرِ وَاللِّفْتِ وَنَحْوِهَا لَا شُفْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

(الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) النَّخْلَةُ الْوَاحِدَةُ أَوْ الزَّيْتُونَةُ الْوَاحِدَةُ وَقَدْ قُسِمَتْ أَرْضُهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا أَيْضًا كَالْبِئْرِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَيُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَيَصِحَّ بِالْقِيمَةِ وَبِهَا تَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَفِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مَا لَمْ تَصِحَّ إلَخْ.

(الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ) الشِّقْصُ الْمَبِيعُ بِعُرُوضٍ أَوْ غَيْرِهَا وَكَذَا الَّذِي يُوهَبُ عَلَى عِوَضٍ أَوْ أَوْصَى بِهِ عَلَى عِوَضٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ بِهَذَا شَرَحَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ " كَذَلِكَ ذُو التَّعْوِيضِ ذَا فِيهِ يَجِبْ " وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ كُلَّ مَا دُفِعَ فِيهِ عِوَضٌ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ سَوَاءٌ سَمَّيَاهُ بَيْعًا وَلَا إشْكَالَ أَوْ سَمَّيَاهُ هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً فَإِنَّ كَوْنَهُ بِعِوَضٍ يُلْحِقُهُ بِالْبَيْعِ، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا دُفِعَ تَبَرُّعًا فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ

وَالْمَنْعُ فِي التَّبَرُّعَاتِ مُفْتَرَضْ

وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ الشِّقْصَ إذَا عُوِّضَ بِشِقْصٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>