وَإِنْ تَكُنْ بِنْتٌ وَحَاضَتْ وَالْأَبُ ... حَيٌّ فَلَيْسَ الْحَجَرُ عَنْهَا يَذْهَبُ
إلَّا إذَا مَا نُكِحَتْ ثُمَّ مَضَى ... سَبْعَةُ أَعْوَامٍ وَذَا بِهِ الْقَضَا
مَا لَمْ يُجَدَّدْ حَجْرُهَا إثْرَ الْبِنَا ... أَوْ سَلِمَ الرُّشْدُ إذَا تُبُيِّنَا
وَحَجْرُ مَنْ وَصَّى عَلَيْهَا يَنْسَحِبْ ... حَتَّى يَزُولَ حُكْمُهُ بِمَا يَجِبْ
وَالْعَمَلُ الْيَوْمَ عَلَيْهِ مَاضِي ... وَمِثْلُهُ حَجْرُ وَصِيِّ الْقَاضِي
وَإِنْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْإِهْمَالِ ... فَإِنَّهَا مَرْدُودَةُ الْأَفْعَالِ
إلَّا مَعَ الْوُصُولِ لِلتَّعْنِيسِ ... أَوْ مُكْثِ عَامٍ إثْرَ التَّعْرِيسِ
وَقِيلَ بَلْ أَفْعَالُهَا تُسَوَّغُ ... إنْ هِيَ حَالَةَ الْمَحِيضِ تَبْلُغُ
وَالسِّنُّ فِي التَّعْنِيسِ مِنْ خَمْسِينَا ... فِيمَا بِهِ الْحُكْمُ إلَى السِّتِّينَا
لَمَّا قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَخْرُجُ بِهِ الذَّكَرُ مِنْ الْحَجْرِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ بِمَا تَخْرُجُ بِهِ الْأُنْثَى إذَا بَلَغَتْ فِي حَيَاةِ أَبِيهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَدْ أَوْصَى عَلَيْهَا أَوْ تَرَكَهَا مُهْمَلَةً وَلَمْ يُقَدِّمْ الْقَاضِي عَلَيْهَا أَحَدًا أَوْ قَدَّمَ، فَأُخْبِرَ أَنَّ الْبِنْتَ إذَا كَانَ أَبُوهَا حَيًّا فَإِنَّهَا لَا تَزَالُ فِي حِجْرِهِ وَتَحْتَ وِلَايَةِ نَظَرِهِ وَلَا يَزُولُ عَنْهَا الْحَجْرُ إلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ.
(الْأَوَّلُ) أَنْ تَتَزَوَّجَ وَيَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَتَمْكُثَ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ فَحِينَئِذٍ تَخْرُجُ مِنْ الْوِلَايَةِ وَبِهَذَا الْقَوْلِ الْقَضَاءُ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَمَانِيَةٍ قَالَ (ابْنُ سَلْمُونٍ) عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَهَذَا الْقَوْلُ يُعْزَى إلَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا ثُمَّ قَالَ:
الْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ أَوْ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْوَاضِحَةِ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ إنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهَا حَتَّى تَتَزَوَّجَ وَيَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَيَعْرِفَ حَالَهَا وَيَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ أَمْرِهَا فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا إذَا عُلِمَ رُشْدُهَا وَظَهَرَ حَالُهَا جَازَتْ أَفْعَالُهَا وَخَرَجَتْ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِقُرْبِ بِنَاءِ زَوْجِهَا عَلَيْهَا اهـ وَعَلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى دُخُولُ زَوْجٍ وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا وَإِلَى اسْتِمْرَارِ الْحَجْرِ عَلَى ذَاتِ الْأَبِ إلَى مُضِيِّ سَبْعَةِ أَعْوَامٍ بَعْدَ دُخُولِ الزَّوْجِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ: وَخُرُوجُهَا مِنْ الْحَجْرِ بِمُضِيِّ مَا ذُكِرَ، مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُجَدَّدْ عَلَيْهَا الْحَجْرُ إثْرَ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا يَعْنِي وَأُخْرَى قَبْلَهُ فَإِنْ جَدَّدَهُ عَلَيْهَا فَلَا تَخْرُجُ إلَّا بِالتَّرْشِيدِ.
وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
مَا لَمْ يُجَدَّدْ حَجْرُهَا إثْرَ الْبِنَا
(الْأَمْرُ الثَّانِي) مِمَّا تَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْوِلَايَةِ التَّرْشِيدُ فَإِذَا ظَهَرَ صَلَاحُ حَالِهَا وَتَبَيَّنَ وَسَلَّمَهُ الْأَبُ وَوَافَقَ عَلَيْهِ وَرَشَّدَهَا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ سَلَّمَ الرُّشْدَ إذَا تَبَيَّنَّا فَقَوْلُهُ أَوْ سَلِمَ الرُّشْدُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ نُكِحَتْ ثُمَّ انْتَقَلَ لِلْكَلَامِ عَلَى الَّتِي مَاتَ أَبُوهَا وَأَوْصَى عَلَيْهَا أَوْ تَرَكَهَا مُهْمَلَةً وَقَدَّمَ عَلَيْهَا الْقَاضِي مُقَدَّمًا فَقَالَ
وَحَجْرُ مَنْ وَصَّى عَلَيْهَا يَنْسَحِبْ
الْبَيْتَيْنِ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْبِنْتَ إذَا مَاتَ أَبُوهَا وَكَانَ قَدْ أَوْصَى عَلَيْهَا فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُوصِ وَلَكِنْ قَدَّمَ الْقَاضِي عَلَيْهَا مُقَدَّمًا فَإِنَّ الْحَجْرَ يَنْسَحِبُ عَلَيْهَا وَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِالتَّرْشِيدِ وَهُوَ الَّذِي يَعْنِي بِقَوْلِهِ بِمَا يَجِبُ.
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْعَمَلُ قَالَ (ابْنُ سَلْمُونٍ) وَأَمَّا الْبِكْرُ الْيَتِيمَةُ ذَاتُ الْوَصِيِّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ السُّلْطَانِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ الْوِلَايَةِ إنْ تَزَوَّجَتْ أَوْ عَنَسَتْ أَوْ ظَهَرَ رُشْدُهَا إلَّا بِالطَّلَاقِ مِنْ الْوِلَايَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ فِي الْيَتِيمِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَالِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ وَحُكْمُهَا فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ اهـ ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُهْمَلَةِ الَّتِي لَمْ يُقَدِّمْ عَلَيْهَا الْقَاضِي فَقَالَ
وَإِنْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْإِهْمَالِ