للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا جَائِزَةٌ.

وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالسَّفَهِ فَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَلَّذِي جَرَتْ بِهِ الْفَتْوَى وَعَلَيْهِ الشُّيُوخُ أَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا حُكْمُ مَنْ كَانَ وَصِيُّهُ بَاقِيًا حَتَّى يَظْهَرَ رُشْدُهُ وَيُحْكَمَ بِتَرْشِيدِهِ اهـ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ جَارِيَانِ عَلَى قَوْلَيْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَمَالِكٌ يُرَاعِي الْوِلَايَةَ وَالْأَصْلُ انْسِحَابُهَا حَتَّى يَرْشُدَ وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي النَّظْمِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُرَاعِي حَالَ الْمَحْجُورِ مِنْ صَلَاحٍ أَوْ سَفَهٍ وَلَا عِبْرَةَ عِنْدَهُ بِالْوِلَايَةِ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي وَقَدْ قُلْتُ فِي ذَلِكَ لِيُحْفَظَ

وَمَالِكٌ يَعْتَبِرُ الْحَجْرَ فَقَطْ ... وَنَجْلُ قَاسِمٍ لِحَالٍ قَدْ فَرَطْ

قُلْتُ: إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ أَوْ الْوِلَايَةِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِمَوْتِ الْوَصِيِّ كَمَا فَرَضَهُ النَّاظِمُ، بَلْ الْقَوْلَانِ فِي حَيَاةِ الْوَصِيِّ أَوْ مَوْتِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ لُبٍّ أَنَّ الْمُهْمَلَةَ بِمَوْتِ وَصِيِّهَا إذْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَتَصَرَّفَتْ تَصَرُّفَ الرَّشِيدِ بِطُولِ الْمُدَّةِ فَهِيَ عَلَى حُكْمِ الرُّشْدِ فِي أَفْعَالِهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْأَقْوَالِ فِي أَفْعَالِ الْمُهْمَلِ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ:

وَالشَّأْنُ الْإِكْثَارُ مِنْ الشُّهُودِ ... فِي عَقْدَيْ التَّسْفِيهِ وَالتَّرْشِيدِ

وَلَيْسَ يَكْفِي فِيهِمَا الْعَدْلَانِ ... وَفِي مَرَدِّ الرُّشْدِ يَكْفِيَانِ

يَعْنِي: أَنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْمُوَثَّقِينَ الْإِكْثَارُ مِنْ الشُّهُودِ فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسْفِيهِ أَوْ التَّرْشِيدِ وَأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي ذَلِكَ بِالْعَدْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ يُكْتَفَى بِهِمَا فِي الْحَجْرِ وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ النَّاظِمُ بِمَرَدِّ الرُّشْدِ أَيْ بِرَدِّهِ وَدَفْعِهِ.

وَالتَّسْفِيهُ: الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ سَفِيهٌ مُبَذِّرٌ غَيْرُ حَافِظٍ لِمَالِهِ. وَيَنْبَنِي عَلَى الشَّهَادَةِ أَنْ يُضْرَبَ عَلَى يَدِهِ وَيُمْنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ سَفَهَهُ إنَّمَا ثَبَتَ الْآنَ وَالشَّهَادَةُ بِالْحَجْرِ الَّتِي يَكْفِي فِيهَا عَدْلَانِ لِلشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ فِي وِلَايَةِ مَضْرُوبٍ عَلَى يَدِهِ وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَفِيمَا قَبْلَهَا وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا رَدُّ أَفْعَالِهِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهَا هَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>