للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى صَغِيرٍ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ صِلَةُ الَّذِي أَيْ ثَبَتَ أَوْ وَجَبَ عَلَى صَغِيرٍ ثُمَّ وَصَفَهُ بِالْإِهْمَالِ، وَفَاعِلُ صَحَّ يَعُودُ عَلَى مَا وَجَبَ عَلَى الصَّغِيرِ وَبِمُوجِبٍ يَتَعَلَّقُ بِصَحَّ، وَالْمُرَادُ بِالْمُوجِبِ الْبَيِّنَةُ (قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ الْمُدَّعَى فِيهَا بَيْنَ صَغِيرٍ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْقَاضِي لِهَذَا الصَّغِيرِ مَنْ يَقُومُ بِحُجَّتِهِ (قَالَ الشَّارِحُ) لَازِمُ قَوْلِهِ فِي الْمُقَرَّبِ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْقَاضِي إلَخْ كَوْنُهُ تُرْجَى لَهُ الْحُجَّةُ إذَا مَلَكَ أَمْرَ نَفْسِهِ وَعَنْ هَذَا الْمَعْنَى عَبَّرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ: وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ كَالْغَائِبِ الْبَيْتَ.

وفِي الْمَشْهُورِ ... مُنْسَحِبٌ عَلَى بَنِي الْمَحْجُورِ

وَيَعْقِدُ النِّكَاحَ لِلْإِمَاءِ ... وَالنَّصُّ فِي عَقْدِ الْبَنَاتِ جَائِي

وَعَقْدُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ جَارِ ... بِجَعْلِهِ فِي الْبِكْرِ كَالْإِجْبَارِ

يَعْنِي: أَنَّ الْوَصِيَّ عَلَى الْمَحْجُورِ يَكُونُ وَصِيًّا أَيْضًا عَلَى أَوْلَادِ ذَلِكَ الْمَحْجُورِ وَيَنْسَحِبُ نَظَرُهُ عَلَيْهِمْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَنْسَحِبُ وَلَا يَكُونُ لِوَصِيِّ أَبِيهِمْ عَلَيْهِمْ نَظَرٌ، وَعَلَى الِانْسِحَابِ فَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ النِّكَاحَ عَلَى إمَاءِ مَحْجُورِهِ وَبَنَاتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا إشْكَالَ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ الْمُوصِي لَهُ الْإِجْبَارَ فَقَوْلُهُ جَارٍ بِجَعْلِهِ فِي الْبِكْرِ كَالْإِجْبَارِ يَعْنِي إنْ عَقَدَ الْوَصِيُّ نِكَاحَ الْأَبْكَارِ مِنْ بَنَاتِ مَحْجُورِهِ جَبْرًا قَبْلَ بُلُوغِهِنَّ يَجْرِي مَجْرَى الْإِجْبَارِ الْحَاصِلِ بِجَعْلِ الْمُوصِي ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ فِي أَبْكَارِ بَنَاتِهِ فَإِذَا جَعَلَ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ كَانَ لَهُ جَبْرُ بَنَاتِ الْمَحْجُورِ كَمَا يُجْبِرُ بَنَاتِ الْوَصِيِّ هَذَا مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي لَفْظِ الْإِمَاءِ وَالْبَنَاتِ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الْمَحْجُورُ لَا عَلَى الْمُضَافِ الَّذِي هُوَ بَنِي، أَيْ: وَيَعْقِدُ الْوَصِيُّ نِكَاحَ إمَائِهِ وَنِكَاحَ بَنَاتِهِ.

فَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي الرَّجُلِ إذَا كَانَ وَصِيًّا عَلَى سَفِيهٍ فَوُلِدَ لِلسَّفِيهِ وَلَدٌ فَهَلْ لِلْمُوصِي أَنْ يَنْظُرَ عَلَى ابْنِ السَّفِيهِ كَمَا يَنْظُرُ عَلَى الْوَلَدِ أَمْ لَا، فَذَهَبَ الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ بَقِيِّ بْنِ زَرْبٍ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ وَخَالَفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ الْقَطَّانِ فِي ذَلِكَ وَقَالَا: إنَّهُ يَنْظُرُ عَلَيْهِ كَمَا عَلَى أَبِيهِ، قَالَا: وَالْقَضَاءُ عِنْدَنَا بِذَلِكَ. اهـ.

وَفِي مُفِيدِ (ابْنِ هِشَامٍ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ: وَقَدْ جَاءَتْ الرِّوَايَةُ مَنْصُوصَةٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْوَصِيَّ يُنْكِحُ بَنَاتَ مَحْجُورِهِ يُرِيدُهُ فِي الْبَنَاتِ الْأَبْكَارِ الْبَالِغَاتِ وَالثَّيِّبَاتِ اللَّائِي لَمْ يَمْلِكْنَ أُمُورَ أَنْفُسِهِنَّ.

وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ رَآهُ وَصِيًّا عَلَيْهِنَّ بِكَوْنِهِ وَصِيًّا عَلَى آبَائِهِنَّ وَهُوَ دَلِيلُ مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَقُولُ: إنَّ الْوَصِيَّ لَا يَكُونُ وَصِيًّا عَلَى بَنَاتِ مَحْجُورِهِ إلَّا بِتَقْدِيمِ السُّلْطَانِ فَعَلَى هَذَا لَا يُزَوِّجُ أَحَدًا مِنْ بَنَاتِهِ وَأَمَّا أُمُّهُ فَلَيْسَ لَهَا بِوَلِيٍّ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُزَوِّجَهَا فَالْوَصِيُّ يُزَوِّجُ إمَاءَ مَحْجُورِهِ بِلَا خِلَافٍ وَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ اللَّائِي لَمْ يَمْلِكْنَ أَمْرَ أَنْفُسِهِنَّ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ وَلَا يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ اللَّائِي قَدْ مَلَكْنَ أَنْفُسَهُنَّ وَلَا أَخَوَاتِهِ وَلَا قَرَابَاتِهِ فَإِنْ فَعَلَ مَضَى عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

(أَقُولُ) النَّصُّ الَّذِي ذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ جَاءَ فِي عَقْدِ الْبَنَاتِ هُوَ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهَا جَاءَتْ مَنْصُوصَةً عَنْ مَالِكٍ وَفِي وَثَائِقِ (ابْنِ فَتْحُونٍ) أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ مَوْلَيَاتِ الْمُوصِي وَأَخَوَاتِهِ وَسَائِرَ بَنَاتِهِ وَذِي قَرَابَتِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ كَانَتْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا إلَى الْمُوصِي ثَيِّبَاتٍ كُنَّ أَوْ أَبْكَارًا وَيَنْزِلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَنْزِلَتَهُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مِنْ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إذَا كَانَ يَلِي الذُّكُورَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُوصِي لِأَنَّهُ يَنْظُرُ لَهُمْ وَيُنْفِذُ عَلَيْهِمْ مَا يُنْظَرُونَ فِيهِ وَيُنْفِذُونَهُ بَعْدَ رُشْدِهِمْ وَإِنْكَاحُ وَلِيَّتِهِمْ أَحَقُّ مَا يَنْظُرُ لَهُمْ فِيهِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ عَلَى الْإِنَاثِ مِنْهُمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنَاثَ لَيْسَ إلَيْهِنَّ الْإِنْكَاحُ بَعْدَ الرُّشْدِ فَافْتَرَقَا لِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمِثْلُ هَذَا ذَكَرَ ابْنُ سَهْلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>