للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَحْكَامِهِ. اهـ.

(قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ سَمَحَ اللَّهُ لَهُ بِفَضْلِهِ) سَمِعْتُ مِنْ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الْعَالِمِ الْعَلَامَةِ الْحَافِظِ الْمُتَفَنِّنِ الْخَطِيبِ الْبَلِيغِ أَبِي الْعَبَّاسِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْمُقْرِي التِّلْمِسَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَبْرَ مَا مَرَّ فِي حَالِ قِرَاءَةِ مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ قَالَ يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي انْسِحَابِ نَظَرِ الْوَصِيِّ عَلَى أَوْلَادِ مَحْجُورِهِ مَحِلُّهَا فِي حَيَاةِ الْمَحْجُورِ وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّفِقَ أَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ نَظَرٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ عَلَيْهِمْ إنَّمَا كَانَ بِحَسَبِ التَّبَعِ لِأَبِيهِمْ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إذَا عُدِمَ الْمَتْبُوعُ عُدِمَ التَّابِعُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْفِقْهِ مِنْهَا مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَمَاتَ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَهُ فَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ كَمَا يَجُوزُ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَازَالَ بِيَدِهِ، فَأَمَّا الْآنَ فَلَا يُبَاعُ إلَّا بِمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ مُنْفَرِدًا وَكَذَلِكَ النَّخْلُ وَالْأَرْضُ إذَا بَاعَهُمَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ زَرْعَ الْأَرْضِ أَوْ ثَمَرَ النَّخْلِ فَاعْلَمْهُ.

وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ أُخَرُ ذُكِرَتْ فِي مَحَلِّهَا وَقَدْ قُلْتُ فِي ذَلِكَ فِي تَكْمِيلِ الْمَنْهَجِ الْمُسَمَّى بِبُسْتَانِ فِكْرِ الْمَنْهَجِ فِي تَكْمِيلِ الْمَنْهَجِ:

وَمَا يَجُوزُ فِعْلُهُ بِالتَّبَعِ ... فَشَرْطُهُ بَقَاءُ مَتْبُوعٍ فَعِ

كَبَيْعِ خِلْفَةٍ وَمَالُ الْقِنِّ ... وَالزَّرْعُ وَالثِّمَارُ مِنْ ذَا الْفَنِّ

خِدْمَةُ أُمِّ وَلَدٍ إذَا حَرُمْ ... عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لِذِي الْأَصْلِ تُضَمْ

وَشَيْخُنَا الْمُقْرِي قَاسَ نَظَرَا ... أَوْلَادَ مَحْجُورٍ لَهُ مَوْتٌ عَرَى

لَمْ يَبْقَ لِلْوَصِيِّ عَلَيْهِمْ مِنْ نَظَرْ ... لِفَقْدِ مَتْبُوعٍ كَمَا قَبْلُ غَبَرْ.

قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

وَالنَّقْلُ لِلْإِيصَاءِ غَيْرُ مُعْمَلٍ ... إلَّا لِعُذْرٍ أَوْ حُلُولِ أَجَلٍ

وَلَا يُرَدُّ الْعَقْدُ بَعْدَ أَنْ قَبِلْ ... إنْ مَاتَ مُوصٍ وَلِعُذْرٍ يَنْعَزِلْ

وَلَا رُجُوعَ إنْ أَبَى تَقَدُّمَهْ ... مِنْ بَعْدِ أَنْ مَاتَ الَّذِي قَدْ قَدَّمَهْ

اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ الثَّلَاثَةُ عَلَى مَسَائِلَ، كُلُّ بَيْتٍ عَلَى مَسْأَلَةٍ، وَالْمُنَاسِبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ تَأْخِيرُ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى نَقْلِ الْإِيصَاءِ الْكَائِنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَلُزُومِهِ فَيُؤَخَّرُ عَنْ الْبَيْتَيْنِ بَعْدَهُ الْمُشْتَمِلَيْنِ عَلَى مَا يَلْزَمُ بِهِ الْإِيصَاءُ، وَمَا لَا يَلْزَمُ. (فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) أَنَّ الْوَصِيَّ الَّذِي لَزِمَهُ حُكْمُ الْإِيصَاءِ لِقَبُولِهِ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا سِيَّمَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ فِي تَرِكَةِ الْمُوصِي إذَا أَرَادَ عَزْلَ نَفْسِهِ عَنْ الْإِيصَاءِ وَجَعْلِهِ لِغَيْرِهِ فِي حَيَاتِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا لِعُذْرٍ حَصَلَ لَهُ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ النَّظَرُ فِي الْإِيصَاءِ الْمَذْكُورِ كَاخْتِلَالِ عَقْلٍ وَنَحْوِهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ يَرَاهُ أَهْلًا لِذَلِكَ وَكَذَا لَهُ هُوَ أَنْ يُسْنِدَ الْإِيصَاءَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى غَيْرِهِ قَالَ فِي (الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) فَإِنْ ذَهَبَ الْوَصِيُّ فِي حَيَاتِهِ أَنْ يُفَوِّضَ الْإِيصَاءَ إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَنْظُرُ بِأَمْرِهِ.

وَفِي (الْمُتَيْطِيَّةِ) وَلِلْوَصِيِّ إذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَنْ يُوصِيَ بِمَا جَعَلَ الْمُوصِي إلَيْهِ إلَى مَنْ شَاءَ إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا بِالنَّظَرِ وَيَكُونُ وَصِيُّ الْوَصِيِّ كَالْوَصِيِّ. اهـ. (وَفِي مَجَالِسِ الْقَاضِي الْمِكْنَاسِيِّ مَا نَصُّهُ) فَإِنْ أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَنْحَلَّ عَنْ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِغَيْرِ عُذْرٍ ثَبَتَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ . قُلْت: فَرَّقَ ابْنُ عَاتٍ بَيْنَ قَبُولِ الْوَصِيِّ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ قَبُولُهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَلَا يُحِلُّهُ الْقَاضِي إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ عُذْرٍ يُوجِبُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَبُولُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلِلْقَاضِي أَنْ يُعْفِيَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ. اهـ.

(وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا قَبِلَ الْوَصِيُّ الْإِيصَاءَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى قَبُولِهِ إلَى مَوْتِ الْمُوصِي فَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدُ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ انْعَزَلَ.

(وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) إذَا امْتَنَعَ الْوَصِيُّ مِنْ قَبُولِ الْإِيصَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي ثُمَّ بَدَا لَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَقْبَلَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَى هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: لَا بَعْدَهُمَا، أَيْ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ قَبُولُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ إلَى مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ كَانَ قَبُولُهُ بَعْدَهُ ثُمَّ قَالَ، وَإِنْ أَبَى الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا قَبُولَ لَهُ بَعْدُ قَالَ فِي (الْمُقَرَّبِ) قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>