للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَلَهُ الْغَلَّةُ وَأَسْقَطَ عَنْهُ النَّفَقَةَ فِي الرَّبْعِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ رَدَّ الْغَلَّةِ. قِيلَ: الْفَرْقُ أَنَّ الرَّبْعَ مَأْمُونٌ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا وَالرَّقِيقُ وَالدَّوَابُّ الْخَوْفُ فِيهِمَا قَائِمٌ فَكَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ بِالضَّمَانِ. وَقِيلَ: الْفَرْقُ أَنَّ غَاصِبَ الْحَيَوَانِ لَمَّا كَانَتْ قَدْ تَبْقَى بِيَدِهِ حَتَّى تَتْلَفَ صَارَ الْغَاصِبُ فِيهِمَا غَاصِبًا لِلرِّقَابِ حَقِيقَةً، وَالرَّبْعُ شَأْنُهُ الْبَقَاءُ حَتَّى لَيُدْرَى بِهِ فَهُوَ غَاصِبٌ لِلْمَنْفَعَةِ، وَغَاصِبُ الْمَنْفَعَةِ لَا خِلَافَ فِي رَدِّهِ الْغَلَّةَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَاصِبِ الرَّقَبَةِ. اهـ

وَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ فِي دَعْوَى التَّلَفْ ... وَقَدْرِ مَغْصُوبٍ وَمَا بِهِ اتَّصَفْ

هَكَذَا كَقَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ وَحَلِفٌ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ فِي تَلَفِهِ وَصِفَتِهِ وَمَبْلَغِهِ. (التَّوْضِيح) يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ: هَلْ تَلِفَ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ أَمْ لَا؟ وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ أَوْ مَبْلَغِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَإِنْ غَصَبَ جَارِيَةً وَادَّعَى هَلَاكَهَا وَاخْتُلِفَ فِي صِفَتِهَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِي الصِّفَةِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ.

وَكَذَلِكَ نَصَّ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ. وَلَمْ أَرَ فِي الْأُمَّهَاتِ وُجُوبَ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ لَكِنْ نَصَّ فِيهَا عَلَى الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ إذَا كَانَ مِمَّا يُعَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي تَلَفَهُ، وَكَذَلِكَ فِي رَهْنِ مَا يُعَابُ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْهُمَا وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ هُنَا فِي التَّلَفِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: هِيَ صَمَّاءُ بَكْمَاءُ. انْتَهَى مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ وَلَمْ يَنُصَّ النَّاظِمُ عَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ اتِّكَالًا مِنْهُ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ إذَا قَالُوا: الْقَوْلُ قَوْلُهُ. يَعْنُونَ بِيَمِينٍ، وَإِذَا قَالُوا: مُصَدَّقٌ فَيَعْنُونَ بِغَيْرِ يَمِينٍ. وَلَكِنَّ هَذَا غَالِبٌ لَا مُطَّرِدٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْغُرْمُ وَالضَّمَانُ مَعْ عِلْمٍ يَجِبْ ... عَلَى الَّذِي انْجَزَّ إلَيْهِ مَا غَصَبْ

بِإِرْثٍ أَوْ مِنْ وَاهِبٍ أَوْ بَائِعِ ... كَالْمُتَعَدِّي غَاصِبِ الْمَنَافِعِ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ انْجَزَّ إلَيْهِ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ إمَّا بِإِرْثٍ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ بِهِبَةٍ مِنْهُ أَوْ بِشِرَاءٍ مِنْهُ أَيْضًا مَعَ كَوْنِ مَنْ انْجَرَّ إلَيْهِ ذَلِكَ عَالِمًا بِكَوْنِ مَوْرُوثِهِ أَوْ الْوَاهِبِ لَهُ أَوْ الْبَائِعِ لَهُ غَصَبَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَنَزَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>