للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْزِلَةَ الْغَصْبِ فِي ضَمَانِ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ إنْ تَلِفَ، فَالْغُرْمُ نَتِيجَةُ الضَّمَانِ. فَلَوْ قَالَ: وَالْغُرْمُ بِالضَّمَانِ بِالْبَاءِ السَّبَبِيَّةِ، لَكَانَ أَوْضَحَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَلَمَّا تَرْجَمَ لِلْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي، وَذَكَرَ بَعْضَ أَحْكَامِ الْغَصْبِ أَفَادَ هُنَا بِالشَّطْرِ الثَّانِي مِنْ الْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ هُوَ غَاصِبُ الْمَنَافِعِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ غَاصِبٌ لِلرِّقَابِ، وَشَبَّهَهُ بِالْغَاصِبِ فِي كَوْنِهِ يَضْمَنُ وَيَلْزَمُهُ الْغُرْمُ لِلشَّيْءِ الْمُتَعَدَّى فِيهِ، أَمَّا مَنْ أَنْجَرَّ إلَيْهِ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا: مَنْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ غَاصِبٍ إنْ قَبِلَهُ مِنْهُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ غَاصِبٌ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِي الْغَلَّةِ وَالضَّمَانِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَوْ بِيعَ الْمَغْصُوبُ أَوْ وُرِّثَ فَإِنْ عَلِمَ فَكَالْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي السَّمَاوِيِّ. (التَّوْضِيحُ) فَاعِلُ عَلِمَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ. وَقَوْلُهُ: فَكَالْغَاصِبِ أَيْ فِي لُزُومِ رَدِّ الْغَلَّاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِالْغَصْبِ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَلَا عُذْرَ لَهُ بَلْ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَعْرِفَةِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ. أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدُهُمَا أَيْ الْمُشْتَرِي وَالْوَارِثُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِمَّا هَلَكَ أَوْ نَقَصَ مِمَّا لَا صُنْعَ فِيهِ لِأَحَدٍ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالسَّمَاوِيِّ. انْتَهَى الْمُحْتَاجُ لَهُ الْآنَ مِنْهُ وَأَمَّا الْمُتَعَدِّي فَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ التَّعَدِّيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: يَسِيرٌ لَمْ يُبْطِلْ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ بِذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا رَفَأَهُ أَوْ قَصْعَةً أَصْلَحَهَا وَغَرِمَ مَا نَقَصَهَا بَعْدَ الْإِصْلَاحِ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ إصْلَاحُهُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ إلَّا بَعْدَ إصْلَاحِهِ وَقَدْ كَانَ فِي مَنْدُوحَةٍ عَنْ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>