للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَسِيرٌ أَبْطَلَ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ. فِيهِ خِلَافٌ؛ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ فَإِنْ قَطَعَ ذَنَبَ دَابَّةِ الْقَاضِي أَوْ أُذُنَهَا ضَمِنَهَا وَكَذَلِكَ مَرْكُوبُ كُلِّ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَرْكَبُ مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَلِذَلِكَ سَوَاءٌ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْكُوبِ وَالْمَلْبُوسِ كَقَلَنْسُوَةِ الْقَاضِي وَطَيْلَسَانِهِ وَعِمَامَتِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا قُصِدَ إلَيْهِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَإِنْ كَانَ التَّعَدِّي كَثِيرًا وَلَمْ يُبْطِلْ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ، فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْيَسِيرِ.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَوْ تَعَدَّى عَلَى شَاةٍ بِأَمْرٍ قَلَّ لَبَنُهَا بِهِ؛ فَإِنْ كَانَ عُظْمُ مَا تُرَادُ لَهُ اللَّبَنَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا إنْ شَاءَ رَبُّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَزِيرَةَ اللَّبَنِ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا، وَأَمَّا النَّاقَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ فَإِنَّمَا فِيهَا مَا نَقَصَهَا وَإِنْ كَانَتْ غَزِيرَةَ اللَّبَنِ فَفِيهَا مَنَافِعُ غَيْرُ ذَلِكَ بَاقِيَةٌ. انْتَهَى. وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّاقَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْيَسِيرِ أَيْ الْيَسِيرِ الَّذِي لَمْ يُبْطِلْ الْغَرَضَ، وَإِنْ كَانَ التَّعَدِّي كَثِيرًا أَبْطَلَ الْمَقْصُودَ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ. (قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ:) مَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدِ رَجُلٍ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَقَدْ أَبْطَلَهُ وَيَضْمَنُ الْجَارِحُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ مِثْلُ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنًا وَاحِدَةً أَوْ جَدَعَ أَنْفَهُ وَشِبْهَهُ، فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ. (ابْنُ رُشْدٍ) : إنْ قَطَعَ الْوَاحِدَةَ مِنْ صَانِعٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ اتِّفَاقًا. اهـ

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا أَفَاتَ الْمَقْصُودَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَثِيرًا كَانَ أَوْ يَسِيرًا، وَمَا لَمْ يُفِتْهُ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ كَثِيرًا كَانَ أَوْ يَسِيرًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِلَى هَذَا التَّقْسِيمِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَالْمُتَعَدِّي جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةِ ذِي هَيْئَةٍ أَوْ أُذُنِهَا أَوْ طَيْلَسَانِهِ أَوْ لَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ أَوْ قَلَعَ عَيْنَيْ عَبْدٍ أَوْ يَدَيْهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ فَنَقْصُهُ؛ كَلَبَنِ بَقَرَةٍ وَيَدِ عَبْدٍ أَوْ عَيْنِهِ. اهـ

وَشُبْهَةٌ كَالْمِلْكِ فِي ذَا الشَّانِ

لِقَوْلِهِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ»

وَلَا يَكُونُ الرَّدُّ فِي اسْتِحْقَاقِ ... وَفَاسِدِ الْبَيْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ

وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَا فِي السِّلْعَةِ ... مَوْجُودَةً فِي فَلَسٍ وَالشُّفْعَةِ

يَعْنِي أَنَّ شُبْهَةَ الْمِلْكِ كَالْمِلْكِ فِي كَوْنِهَا تُوجِبُ لِمَنْ حَصَلَتْ لَهُ اسْتِحْقَاقَ الْغَلَّةِ. وَعَنْهُ عَبَّرَ بِهَذَا الشَّأْنِ أَيْ الْأَمْرِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَهُوَ لِمَنْ تَكُونُ الْغَلَّةُ؟ وَدَلِيلُ كَوْنِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ كَالْمِلْكِ.

قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ.» وَالْخَرَاجُ الْغَلَّةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ ضَمَانُ الشَّيْءِ مِنْهُ إذَا هَلَكَ فَإِنَّ لَهُ غَلَّةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: مَنْ عَلَيْهِ التَّوَى فَلَهُ النَّمَا وَالْتَوَى بِالْمُثَنَّاةِ وَالْقَصْرِ أَيْ ضَمَانُ الشَّيْءِ إذَا هَلَكَ وَالنَّمَا الزِّيَادَةُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْغَلَّةُ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ كَانَ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ اسْتَغَلَّهُ كَدَارٍ فَسَكَنَهَا أَوْ أَرْضٍ فَحَرَثَهَا أَوْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ وَاسْتَخْدَمَهُ أَوْ أَكْرَاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَهُ مُسْتَحِقُّهُ، فَلَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ، أَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَحَلِّهَا، وَقَدْ كَانَ اسْتَغَلَّهُ وَنُقِضَ الْبَيْعُ لِفَسَادِهِ، فَلَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ أَيْضًا؛ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ مَا زَالَ قَائِمًا بِيَدِ مُشْتَرِيهِ فَرَدَّهُ لِبَائِعِهِ أَوْ قَدْ فَاتَ وَغَرِمَ ثَمَنَهُ أَوْ قِيمَتَهُ.

وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، أَوْ وَجَدَ عَيْبًا فِيمَا اشْتَرَى فَرَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَكَانَ قَدْ اسْتَغَلَّهُ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَاسْتَغَلَّهُ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ حَتَّى فَلِسَ فَجَاءَ الْبَائِعُ فَوَجَدَ سِلْعَتَهُ فِي جُمْلَةِ مَالِ مُشْتَرِيهَا الَّذِي فَلِسَ فَأَخَذَهَا فِي الثَّمَنِ فَلَا يَرْجِعُ بِالْغَلَّةِ عَلَى الْمُفْلِسِ، أَوْ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ مَثَلًا وَسَكَنَهُ ثُمَّ جَاءَ شَرِيكٌ فَأَخَذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ مَنْ خَرَجَ الْمِلْكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>