الحمد لله الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا يحتاج في تدبير ملكه إلى المؤازرين ولا إلى الأنصار، ولا تسع عبارة عباده في معرفته غير الاعتراف بالإقصار عن كنه قدرها والإقصاء.
نحمده على نعمه التي نوّرت بصائرنا فرفعتنا إلى معالم الهدى، وفتّحت أبصارنا فجرّتنا عن مغارم العدى، وسلّمت أفكارنا من الوقوع في أشراك الشّرك ومهاوي المهالك وموارد الرّدى.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له: شهادةً ترقم حروفها على سرادق العرش، وتقوم بما يجب علينا في تقصير أعمالنا من الأرش، وتدغم سيئاتنا في حسناتنا كما ادغم أبو عمرو فيحصل لها تفخيم ورش.
ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي جعل رسالته إلى الخلق نعمى، ورمى بعه الباطل فأصاب شاكلته وأصمى، وأنزل عليه في محكم الذكر " عبس وتولى أن جاءه الأعمى ".
صلى الله عليه وعلى آل وصحبه الذين جبر فقرهم بالصلات والعوائد، وجلسوا من كرمه الجمّ بأعطاف موائد على تلك الموائد، واصبح كلّ منهم وله من نوره المبين قائد. صلاة يتضوّع منها الأرج، وترفع بها لهم الدرج، ما أفضى مضيق إلى فضاء الفرج، وسقط عن الأعمى ثقل الحرج. وسلّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
وبعد فإني لما وقفت على كتاب المعارف لابن قتيبة رحمه الله تعالى. وجدته قد ساق في آخره فصلاً في المكافيف. فعدّ فيهم أبا قحافة وهو والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأبا سفيان بن حرب، والبراء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وكعب بن مالك الأنصاريّ، وحسّان بن ثابت الأنصاريّ، وعقيل بن أبي طالب، وأبا أسيد الساعديّ، وقتادة بن النّعمان، وأبا عبد الرحمن السّلميّ، وقتادة بن دعامة، والمغيرة بن مقسّم، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، والقاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق