للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[خاتمة لهذه المقدمات]

قل أن وجد أعمى بليداً، ولا يرى أعمى إلا وهو ذكي: منهم الترمذي الكبير الحافظ. والفقيه منصور المصري الشاعر.

وأبو العيناء. والشاطبي المقري. وأبو العلاء المعري. والسهيلي صاحب الروض الأنف. وابن سيدة اللغوي. وأبو البقاء العكبري. وابن الخباز النحوي. والنيلي شارح الحاجبية. وغيرهم على ما يمر بك فيما بعد.

والسبب الذي أراه في ذلك، أن ذهن الأعمى وفكره يجتمع عليه، ولا يعود متشعباً بما يراه، ونحن نرى الإنسان إذا أراد أن يتذكر شيئاً نسيه، أغمض عينيه وفكر، فيقع على ما شرد من حافظته.

وفي المثل: أحفظ من العميان، أورده الميداني في أمثاله.

وأورد الجاحظ في كتاب البيان والتبيين، قول ذي الرمة:

حوراء في دعج صفراء في نعج ... كأنها فضة قد مسها ذهب

قالوا: لأن المرأة الرقيقة اللون، يكون بياضها بالغداة يضرب إلى الحمرة، وبالعشي يضرب إلى الصفرة. ولذلك قال الأعشى:

بيضاء ضحوتها وصفراء العشية كالعرارة

وقال بشار:

فإن دخلت تقنعي بالح ... حسن إن الحسن أحمر

ثم قال الجاحظ: وهذان أعميان قد اهتديا من حقائق الأمور إلى ما لا يبلغه تمييز البصراء. ولبشار خاصة في هذا الباب ما ليس لأحد.

قلت: تعجب الجاحظ من قول الأعشى وبشار. وكيف به لو سمع قول أبي العلاء المعري:

رب ليل كأنه الصبح في الحسن ... وإن كان أسود الطيلسان

قد ركضنا فيه إلى اللهو حتى ... وقف النجم وقفة الحيران

<<  <   >  >>