على أبي سعد نصر بن محمد بن مسلم المؤدب وغيره. وأدرك ابن الخشاب ببغداد. وأخذ عنه ولازم الكمال ابن الأنباري، وهو أشهر شيوخه، وسمع منه تصانيفه. وسمع الحديث من طاهر المقدسي. وتولى تدريس النحو بالنظامية، سنين. وتخرج عليه جماعة. منهم حسن بن الباقلاني الحلى، والموفق عبد اللطيف البغدادي، والمنتجب سالم بن أبي الصقر العروضي. وكان قليل الحظمن التلامذة: يتخرجون عليه ولا ينتسبون إليه. ولم يكن فيه عيب إلا أنه كان فيه كيس ولين فإذا جلس للدرس، قطع أكثر أوقاته بالأخبار والحكايات وإنشاد الأشعار، حتى يسأم الطالب منه وينصرف وهو ضجر، وينقم ذلك عليه. وكان إبن الدهان المذكور، يعرف بالتركي والفارسي والرومي والحبشي والزنجي. وكان إذا قرأ عليه عجمي، واستغلق عليه المعنى بالعربي، فهمه إياه بالعجمية. وكان حسن التعليم، طويل الروح، كثير الإحتمال للتلامذة.
مولده سنة إثنتين وخمسمائة. وتوفي رحمه الله تعالى في شعبان سنة اثنتي عشرة وستمائة. ودفن بالوردية. وكان لا يغضب أبداً، ولم يره أحد حردان. فخاطر إنسان على إغضابه وجاء إليه وتعنته في مسألة وشتمه وسبه، فلم يغضب. وقال: قد فهمت مقصودك. وكان أولا حنبلياً ثم صار حنفيا. فلما درس النحو بالنظامية، صار شافعيا. فقال فيه المؤيد أبو البركات محمد بن أبي الفرج التكريتي، وهو تلميذه:
ألا مبلغ عني الوجيه رسالة ... وإن كان لا تجدى لديه الرسائل
تمذهبت للنعمان بعد إبن حنبل ... وذلك لما أعوزتك المآكل
وما اخترت دين الشافعي تدينا ... ولكنما تهوى الذي هو حاصل
وعما قليل أنت لاشك صائر ... إلى ما ذلك فافطن لما أنا ناقل
ومن شعر وجيه الدين ابن الدهان:
أرفع الصوت إن مررت بدار ... أنت فيها إذ ما إليك وصول
وأحيي من ليس عندي باهل ... أن يحى كي تسمعى ما أقول
[محمد بن إبراهيم]
بن عمران القفصي. الكفيف. أصله من دانية، وبها تأدب. ذكره إبن رشيق فقال: شاعر متقدم، علامة بغريب اللغة، قادر على التطويل. يصنع القصيدة تبلغ المائة وأكثر في ليلتها، ويحفظها فلا يشذ عنه منها شيء. ويسرد أكثر مسائل العين للخليل بن أحمد. ومن شعره: