أمير المؤمنين الإمام الناصر لدين الله أبو العباس بن الإمام المستضيء بن الإمام المستنجد. ولد يوم الإثنين عاشر شهر رجب سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وبويع له في أول ذي القعدة سنة خمس وسبعين. وتوفي رحمه الله تعالى سلخ شهر رمضان سنة اثنتين وعشرين وستمائة. فكانت خلافته سبعاً وأربعين سنة: وكان أبيض اللون تركي الوجه مليح العينين أنور الجبهة أقنى الأنف خفيف العارضين أشقر اللحية رقيق المحاسن نقش خاتمه رجائي من الله عفوه. أجاز له أبو الحسين عبد الحق اليوسفي، وأبو الحسن علي بن عساكر، والبطائحي، وشهدة، وجماعة. وأجاز هو لجماعة من الكبار، فكانوا يحدثون في حياته ويتنافسون في ذلك. وكان أبوه المستضيء قد تخوفه فاعتقله ومال إلى أخيه أبي منصور. وكان ابن العطار وأكثر الدولة بنفشا حظية المستضيء والمجد بن الصاحب، مع أبي منصور، ونفر يسير مع الناصر. فلما بويع قبض على ابن العطار، وسلمه إلى المماليك، فأخرج بعد سبعة أيام ميتاً، وسحب في الأسواق. وتمكن المجد بن الصاحب وزاد وطغى إلى أن قتل.
قال الموفق عبد اللطيف: وكان الناصر شاباً مرحاً عنده ميعة الشباب، يشق الدروب والأسواق أكثر الليل، والناس يتهيبون لقاءه.