تواضعه. وكان قد أخذ الفقه عن والده وجده، وجده عن القاضي عبد الله بن إبراهيم الحموي، وعن فخر الدين بن عساكر. وأخذ القاضي عبد الله عن أبي سعد بن أبي عصرون، عن الفارقي، عن أبي إسحاق الشيرازي، عن القاضي أبي الطيب. وأخذ الفخر عن القطب مسعود النيسابوري، عن عمر بن سهل السلطان، عن الغزالي، عن إمام الحرمين، عن أبيه، عن أبي بكر القفال. وقال لي: غير واحد إن الشيخ برهان الدين بن تاج الدين الفزاري شيخ دمشق. كان يقول مع جلالته وددت لو سافرت إلى حماة وقرأت التنبيه على القاضي شرف الدين البارزي. وله مما يقرا معكوساً سور حماة بربها محروس
هبة الله بن علي
بن ملكا. أبو البركات أوحد الزمان الطبيب الفاضل. كان يهودياً وسكن بغداد وأسلم في أخر عمره. خدم المستنجد. ودخل يوماً على الخليفة فقام الحاضرون سوى قاضي القضاة فإنه لم يقم له. فقال: يا أمير المؤمنين. إن كان القاضي لم يوافق الجماعة لكوني على غير ملته. فأنا أسلم ولا ينتقصني فاسلم. وكان له اهتمام بالغ في العلوم. وفطرة فائقة. وكان مبدأ أتعلمه الطب. أن أبا الحسن سعيد بن هبة الله. كان له تصانيف وتلامذة. وكان لا يقرئ يهودياً. وكان أوحد الزمان يشتهي أن يقرأ عليه وثقل عليه بكل طريق فما مكنه فكان يتخادم للبواب ويجلس في الدهليز. فلما كان بعد سنة جرت مسألة وبحثوا فيها ولم يتجه لهم جواب عنها. فدخل وخدم الشيخ؟ وقال يا سيدي بإذنك أتكلم، فقال: قل. فأجاب بشيء من كلام جالينوس. وقال يا سيدنا هذا جرى في اليوم الفلاني في ميعاد فلان فاستعلم حاله فأوضحه. فقال إذا كنت كذا فما نمنعك. فقربه وصار من أجل تلامذته. وكان في بغداد مريض بالماليخوليا يعتقد أن على رأسه دنا وأنه لا يفارقه فيتحايد السقوف القصيرة ويطأطئ راسه فأحضره أبو البركات عنده وأمر غلامه أن يرمي دنا بقرب رأسه وأن يضربه بخشبة يكسره فزال بذلك الوهم عن الرجل وعوفي.