المغربي، وأبي الحسن علي بن محمد بن هذيل الأندلسي. وكان لا ينطق إلا بما تدعو الضرورة إليه ولا يجلس للإقراء إلا على طهر في هيئة حسنة وتخشع واستكانة. وكان يعتل العلة الشديدة، فلا يشتكي ولا يتأوه. وإذا سئل عن حاله، فال: العافية! لا يزيد على ذلك.
قال السخاوي: قال لي يوماً: جرت بيني وبين الشيطان مخاطبة. فقال: فعلت كذا، فسأهلكك. فقلت: والله! ما أبالي بك. وقال لي يوماً: كنت في طريق وتخلف عني من كان معي وأنا على الدابة وأقبل إثنان، فسبني أحدهما سباً قبيحاً. فأقبلت على الاستعاذة وبقي كذلك ما شاء الله. ثم قال له الآخر: دعه. وفي تلك الحالة لحقني من كان معي، فأخبرته بذلك. فطلب يميناً وشمالاً، فلم يجد أحداً. وكان رحمه الله يعذل أصحابه في السر على أشياء لا يعلمها إلا الله عز وجل. وكان يجلس إليه من لا يعرفه فلا يرتاب به أنه يبصر لذكائه، ولا يظهر منه ما يدل على العمى. ومولده سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. ومات رحمه الله تعالى سنة تسعين وخمسمائة. ودفن في مقبرة الفاضل بسارية مصر. قال ياقوت: بعد أن أضر. ومن شعره:
بكى الناس قبلي لا كمثل مصائبي ... بدمع مطيع كالسحاب الصوائب
وكنا جميعاً ثم شتت شملنا ... تفرق أهواء عراض المواكب
ومن:
يلومونني إذ ما وجدت ملائماً ... ومالي مليم حين سمعت الأكارما
وقالوا تعلم للعلوم نفاقها ... بسحر نفاق يستنفر العزائما