وكان بلال بن أبي بردة بغيضاً له، فمر به موكب بلال، فسأل من هذا فقالوا بلال. فقال:
سحابة صيف عن قليل تقشع
فسمعه بلال، فقال: أجل والله! لا تقشع حتى يصيبك شؤبوب برد. ثم أمر به فضرب مائة سوط، ثم أمر بحبسه. فقال له خالد: علام تفعل بي هذا ولم أجن جناية. فقال بلال: يخبرك بذلك باب مصمت، وأقياد ثقال، وقيم يقال له حفص. ثم إن الدهر ضرب ضربانه، فنكب بلال بعد ذلك، وأحضره يوسف بن عمر الثقفي عامل هشام في قيوده. وكان خالد بن صفوان جالساً عنده. فقال: أيها الأمير، إن بلالاً عدو الله ضربني وحبسني، وما فارقت جماعة، ولا خلعت يداً من طاعة. ثم التفت إلى بلال. وقال: الحمد الله الذي أذل سلطانك، وهد أركانك، وأزال جمالك، وغير حالك. فوالله كنت شديد الحجاب، مستخفاً بالشريف، مظهراً للمعصية، فقال بلال: يا خالد! إنما استطلت علي بثلاثة، الأمير عليك مقبل، وعني معرض. وأنت طليق، وأنا عان. وأنت في وطنك، وأنا غريب. فأفحمه.
[الخضر بن ثروان]
بن أحمد بن أبي عبد الله. الثعلبي. أبو العباس الضرير التوماثي بضم التاء المثناة من فوق وبعد الواو الساكنة ميم وألف ثم ثاء مثلثة. كذا وجدته مقيداً، بلد من نواحي برقعيد من بلاد الجزيرة، وقدم بغداد شاباً، وتفقه بها للشافعي. وسمع الحديث، وقرأ الأدب، وكان فاضلاً. وتوفي رحمه الله تعالى ببخارى، سنة ثمانين وخمسمائة. ومن شعره:
أنت في غمرة النعيم تعوم ... لست تدري بأن ذا لا يدوم
كم رأينا من الملوك قديماً ... همدوا فلعظام منهم رميم
ما رأينا الزمان أبقى على شخ ... ص شقاءً فهل يدوم النعيم
والغنى عند أهله مستعار ... فحميد به ومنهم ذميم
وكان يحفظ المجمل، وشعر الهذليين، وأخبار الأصمعي، ورؤبة بن العجاج، وذي الرمة، وغيرهما. من المخضرمين، وأهل الجاهلية والإسلام.