وسبعمائة، صرفه وولى جمال الدين الزرعي فاستمر نحو السنة. ثم أعيد قاضي القضاة بدر الدين، وولى المناصب الكبار. وكان يخطب من إنشائه. وصنف في علوم الحديث وفي الأحكام. وله رسالة في الإضطرلاب. ومن شعره ما أنشدنيه لنفسه إجازة:
يا لهف نفسي لو تدوم خطابتي ... بالجامع الأقصى وجامع جلق
ماكان أهنأ عيشنا وألذه ... فيها وذاك طراز عمري لو بقي
الدين فيه سالم من هفوة ... والرزق فوق كفاية المسترزق
والناس كلهم صديق صاحب ... داع وطالب دعوة بترقق
وأنشدني له إجازة:
لما تمكن من فؤادي حبه ... عاتبت قلبي في هواه ولمته
فرثى له طرفي وقال أنا الذي ... قد كنت في شراك الردى أوقعته
عاينت حسناً باهراً فاقتادني ... سراً إليه عند ما أبصرته
محمد بن أحمد
أمير المؤمنين القاهر بالله العباسي. أبو منصور بن أمير المؤمنين المعتضد بالله أبي العباس. بويع بالخلافة سنة عشرين وثلاثمائة عند قتل المقتدر. وخلع القاهر في جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وسملت عيناه فسالتا وحبسوه مدةً. ثم أهملوه وأطلقوه فمات رحمه الله تعالى في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. وكان، ربعة أسمر أصهب الشعر، طويل الأنف. وأمه أم ولد تسمى قبول، لم تدرك خلافته.
ووزر له أبو علي ابن مقلة وهو بشيراز، وخلفه محمد بن عبيد الله بن محمد الكلوذاني، ثم أحمد بن الخصيب. وكان حاجبه بليق، ثم سلامة الطولوني. ونقش خاتمة: القاهر بالله المنتقم من أعداء الله لدين الله.
ولما بويع له يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال سنة عشرين وثلاثمائة، كان ذلك بمشورة مؤنس المظفر، قال: هذا رجل قد سمى مرةً للخلافة، فهو أولى بها، ممن لم يسم.