وهي ثمانية وخمسون بيتاً. قال قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان رحمه الله تعالى: سئل شرف الدين بن عنين عن هذه القصيدة وقصيدة أبي نواس الموازنة التي أولها
أيها المنتاب من عفره ... لست من ليلى ولا سمره
فلم يفضل أحداهما على الأخرى. وقال: ما يصلح يفضل بين هاتين إلا شخص يكون في درجة هذين الشاعرين. ثم أن العكوك مدح حميد بن عبد الحميد الطوسي فقال له: ما عسى أن تقول فينا، وما أبقيت لنا بعد قولك في أبي دلف: إنما الدنيا أبو دلف. وأنشد البيتن. فقال أصلح الله الأمير قد قلت ما هو أحسن من ذلك: فقال: ما هو. فأنشد
إنما الدنيا حميد ... وأياديه الجسام
فإذا ولي حميد ... فعلى الدنيا السلام
فتبسم، ولم يحر جواباً. فاجمع من حضر المجلس من أهل العلم بالشعر أن هذا أحسن مما قاله في أبي دلف. فأعطاه وأحسن جائزته. قال ابن المعتز في طبقات الشعراء: لما بلغ المأمون خبر هذه القصيدة غضب غضباً شديداً وقال اطلبوه حيث ما كان. فطلب فلم يقدر علي، لأنه كان مقيماً بالجبل وهرب إلى الجزيرة الفرانية. فكتب إلى الآفاق بأخذه حيث كان فهرب إلى الشامات فظفروا به فحمل مقيداً إليه. فلما صار بين يديه قال له يا ابن اللخناء أنت القائل في قصيدتك للقاسم بن عيسى. كل من في الأرض من عرب. وأنشد البيتين. جعلتنا ممن يتسعير المكارم منه ويفتخر به قال يا أمير المؤمنين: أنتم أهل بيت لا يقاس بكم لأن الله أختصكم لنفسه على عباده وآتاكم الكتاب والحكم وأنالكم ملكاً عظيماً: وإنما ذهبت في قولي إلى الأقران والأشكال من هذا الناس. فقال: والله ما أبقيت أحداً. ولقد أدخلتنا في الكل وما أستحل دمك بكلمتك هذه. ولكن بكفرك في شعرك حيث قلت في عبد ذليل مهين فأشركت بالله العظيم وجعلت معه ملكاً قادراً. وهو قولك: