وكان أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت! أصبحت! فقد رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريم السحور على أذان ابن أم مكتوم، دون بلال.
قلت: إلا أن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم روى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أذن بلال فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم. قالت: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا. وهذا يؤيد ما ذهب إليه الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى.
ومنها إمامته هل هي وإمامة البصير سواء، أو هي أولى بالعكس. وجوه.
والقول بأنهما سواء قول الجمهور. فحكي عن أبي إسحاق المروزي أن الأعمى أولى، لأنه لا ينظر إلى ما يلهيه ويشغله. فيكون أبعد عن تفرق القلب وأخشع.
واختار الشيخ أبو إسحاق الشيرازي أن البصير أولى. وبه قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: لأنه أحفظ لبدنه وثيابه عن النجاسات، ولأنه مستقل بنفسه في الاستقبال.
وقد كره ابن سيرين إمامة الأعمى لقول ابن عباس رضي الله عنه تعالى عنهما: كيف أؤمهم وهم يعدلوني إلى القبلة، وعن أنس قال: وما حاجتهم إليه.
وعند عامة الأصحاب أنهما سواء، لتعارض المعنيين. وهو المنقول عن نص الشافعي رضي الله عنه في الأم. ولم يورد الصيدلاني. والإمام وصاحب التهذيب شيئاً سواه.
ومنها هل يجب عليه الجمعة.
قال جمهور الأصحاب: إن وجد قائداً متبرعاً أو باجرة، وله مال، وجبت عليه. وإن لم يجد قائداً، لم يلزمه الحضور هكذا أطلق الأكثرون.
وعن القاضي حسين أنه إن كان يحسن المشي بالعصا من غير قائد، لزمه ذلك.
وعن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه لأنه لا تجب الجمعة على الأعمى بحال. وإذا حضر الأعمى الجامع ينبغي أن يجري الخلاف فيه كما في المريض إذا حضر فأقيمت الصلاة.