رحمه الله لتسع خلون من شهر رجب الفرد سنة ثمان وستين وستمائة. وأدرك الإجازة من السلفي التي أجازها لمن أدرك حياته، وأدرك الإجازة الخاصة من خطيب الموصل أبي الفضل الطوسي وأبي الفتح ابن شاتيل، ونصر الله القزاز، وخلق سواهم. وسمع من يحيى الثقفي، وأبي الحسين الموازيني، ومحمد بن علي بن صدقة، وإسماعيل الجنذوي، والمكرم بن هبة الله الصوفي، وبركات الخشوعي، وابن طبرزد، والحافظ عبد الغني. ورحل إلى بغداد، وسمع ابن كليب بقراءته من عبد الخالق بن البندار، وابن سكينة، وعلي بن يعيش الأنباري، وغيرهم، وتفقه على الشيخ الموفق. وكتب بخطه المليح السريع ما لا يوصف لنفسه وبالأجرة؟ حتى كان يكتب إذا تفرغ في اليوم تسع كراريس أو أكثر. ويكتب الكراسين والثلاثة مع اشتغاله في يوم وليلة. وقيل إنه: كان يكتب القدوري في ليلة واحدة، وعندي؟ أن هذا مستحيل. وقيل إنه كان ينظر في الصفحة الواحدة نظرة واحدة ويكتبها؟ ولذلك يوجد له الغلط فيما كتبه كثيراً، ولازم النسخ خمسين سنة. وخطه لا نقط ولا ضبط. وكتب على ما قاله في شعره ألفي مجلدة. وكان تام القامة، حسن الأخلاق والشكل. ذكر ابن الخباز أنه سمع ابن عبد الدائم يقول: كتبت بخطي ألفي جزء. وذكر أنه كتب بخطه تاريخ دمشق مرتين. قال الشيخ شمس الدين الذهبي: الواحدة في وقف أبي المواهب ابن صصري. وكتب من التصانيف الكبار شيئاً كثيراً. وولى خطابة كفر بطنا. أنشأ خطباً عديدة، وحدث سنين كثيرة. وروى عنه الشيخ محيي الدين، والشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، والشيخ شرف الدين الدمياطي، وابن الظاهري، وابن جعوان، وابن تيمية، ونجم الدين بن صصرى، وشرف الدين الخطيب، وأخوه تاج الدين، وولده برهان الدين، وشمس الدين إمام الكلاسة، وشرف الدين منيف قاضي القدس، وعلاء الدين بن العطار، وخلق كثير بمصر والشام. ورحل إليه غير واحد. وتفرد بالكثير، وكف بصره في آخر عمره. ومن نظمه فيما يكتبه في الإجازة:
أجزت لهم عني رواية كل ما ... روايته لي مع توق وإتقان
ولست مجيزاً للرواة زيادة ... برئت إليهم من مزيد ونقصان