الشيخ العلامة بهاء الدين محمد بن حسين بن عبد الصمد العاملي الحارثي الهمداني رحمه الله تعالى علم الأئمة الاعلام. وسيد علماء الاسلام. وبحر العلم المتلاطمة بالفضائل أمواجه. وفحل الفضل الناتجة لديه أفراده وأزواجه. وطود المعارف الراسخ. وفضاؤها الذي لا تحد له فراسخ. وجوادها الذي لا يؤمل له الحاق. وبدرها الذي لا يعتريه محاق. الرحلة الذي ضربت إليه أكباد الابل. والقبلة التي فطر كل قلب على حبها وجبل. فهو علامة البشر. ومجدد دين الأمة على راس القرن الحادي عشر. إليه انتهت رئاسة المذهب والملة. وبه قامت قواطيع البراهين والأدلة. جمع فنون العلم فانعقد عليه الاجماع. وتفرد بصنوف الفضل فبهر النواظر والأسماع. فما من فن إلا وله فيه القدح المعلي. والمورد العذب المحلي. إن قال لم يدع قولاً لقائل. أو طال لم يأت غيره بطائل. وما مثله ومن تقدمه من الأفاضل والأعيان. إلا كالملة المحمدية المتأخرة عن الملل والأديان. جاءت أخرا. ففاقت مفاخراً. وكل وصف قلت في غيره. فإنه تجربة الخاطر. مولده بعلبك عند غروب الشمس يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة انتقل به والده وهو صغير إلى الديار العجمية. فنشأ في حجره بتلك الأقطار المحمية. وأخذ عن والده وغيره من الجهابذ. حتى أذعن له كل مناضل ومنابذ. فما اشتد كاهله. وصفت له من العلم مناهله. ولى بها شيخ الاسلام. وفوضت إليه أمر الشريعة على صاحبها الصلاة والسلام. ثم رغب في الفقر والسياحه. واستهب من مهاب التوفيق رياحه. فترك تلك المناصب. ومال لما هو لحاله مناسب. فقصد حج بيت الله الحرام. وزيارة النبي وأهل بيته الكرام. عليهم أفضل الصلاة والتحية والسلام. ثم أخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة وأوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة واجتمع في أثناء ذلك بكثير من أرباب الفضل والحال ونال من فيض صحبتهم ما تعذر على غيره واستحال ثم عاد وقطن بأرض العجم. وهناك همى غيث فضله وانسجم فألف وصنف. وقرط المسامع وشنف. وقصدته علماء الأمصار. واتفقت على فضله الأسماع والأبصار. وغالت تلك الدولة في قيمته. واستمطرت غيث الفضل من ديمته. فوضعته في مفرقها تاجاً. واطلعته في مشرقها سراجاً وهاجاً. وتبسمت به دولة سلطانها الشاه عباس. واستنارت بشموس آرائه عند اعتكار حنادس الباس. فكان لا يفارقه سفراً وحضراً. ولا يعدل عنه سماعاً ونظراً. إلى أخلاق لو مزج بها البحرين لعذبا طعماً. وآراء لو كحلت به الجفون لم يلف أعمى. وشيم هي في المكارم غرر وأوضاح. وكرم بارق جوده لشائمة لامع وضاح. تتفجر بنا بيع السماح من نواله. ويضحك ربيع الأفضال من بكاء عيون أمواله. وكانت له دار مشيدة البنا. رحيبة الفنا. يلجأ إليها الأيتام والأرامل. ويفد عليها الراجي والآمل. فكم مهد بها وضع. وكم طفل بها رضع. وهو يقوم بنفقتهم بكرةً وعشياً. ويوسعهم من جاهه حناباً مغشياً مع تمسكه بالعروة الوثقى. وايثار الآخرة على الدنيا والآخرة خير وأبقى. ولم يزل آنفاً من الأنجاس إلى سلطان. راغباً في الغربة عازفاً عن الأوطان. يؤمل العود إلى السياحة. ويرجو الاقلاع عن تلك الساحة. فلم يقدر له حق وافاه حمامه. وترنم على أفنان الجنان حمامه. أخبر في بعض الثقات الأصحاب أن الشيخ رحمه الله قصد قبيل وفاته زيارة المقبل. في جمع من الأجلاء الأكابر. فما استقر بهم الجلوس حتى قال لمن معه. إني سمعت شيئاً فهل منكم من سمعه. فأنكروا سوآله. واستغربوا مقاله. وسألوه عما سمعه فأوهم. وعمي في جوابه وأبهم. ثم رجع إلى داره فأغلق بابه. ولم يلبث أن أهاب به داعي الردى فأجابه. وكانت وفاته لاثنتى عشرة خلون من شوال المبارك سنة إحدى وثلاثين وألف بأصبهان ونقل قبل دفنه إلى طوس فدفن بها في داره قريباً من الحضرة الرضوية. على صاحبها أفضل الصلاة والسلام والتحية. ومن مصنفاته التفسير المسمى بالعروة الوثقى. والتفسير المسمى بعين الحياة. والحبل المتين. ومشرق الشمسين. وشرح الأربعين. والجامع العباسي فارسي. ومفتاح الفلاح. وزبدة في الأصول. والرسالة الهلالية. والاثنى عشريات الخمس. وخلاصة الحساب. والمخلاه. والكشكول. وتسريح الأفلاك. والرسالة الأسطرلابيه. وحواشي الكشاف. وحاشية علي البيضاوي. وحاشية على خلاصة الرجال. ودراية الحديث. والفوائد الصمدية. في علم العربية.