لا تروعا بكر الزمان بقتل ... إن ذوب اللجين غش النضار
في سنا الشمس ما علمت غناء ... عن ضياء النجوم والأقمار
طال عمر الدجى عليّ وعهدي ... بالليالي قصيرة الأعمار
ما احتسيت المدام إلا وغصت ... لهوات الدجى بضوء النهار
حبذا طلعة الربيع وأهلا ... بمجالي عرائيس الأزهار
وزمان البهار لو عاد فيه ... غيسان الشباب عود البهار
ومبيت إذا بناني مسبى ... في ظلال العريش والنوار
كم تفياتها فحنت علينا ... حنة الأمهات والأطيار
مرحباً بالمشيب لولا زمان ... غض مني وحط من مقداري
لو وفى لي الصبا ولو عمر حين ... يا زماني أخذت منك بثاري
وقال من أخرى
أرقت لبارق في جوراسي ... جرضت لصوب عارضه بريقي
هدته النايبات وأي ضيف ... هدت يوم الفراق إلى فروقي
رفعت له بجنح الليل ناري ... فخاض الليل يعسف في الطريق
ودرت ولو بضر الهام إني ... رعيت له ولو بعض الحقوق
وقال
أين من أودعوا هواهم بقلبي ... وصلوا نارهم على كل هضب
منها
كلما فوقوا إلى الركب سهماً ... طاش عن صاحبي وحل بجنبي
يشتكى ما اشتكيت من لوعة البي ... ن كلانا دامي الحشا والقلب
وقال
ما التصابي على من شاب من باس ... أما ترى جلوة الصهباء في الكاس
الناس بالناس والدنيا بأجمعها ... في درة تعطف الساقي على الحاسي
يئست واليأس إحدى الراحتين وكم ... جلوت عني صدى الأطماع بالياس
ومنها
في كل غانية من أختها بدل ... إن لم تكن بنت راس فابنة الكراس
أودعت عقلي إلى الساقي فبدده ... في كسر جفنيه أو في ميلة الكاس
لا أوحش الله من غضبان أوحشني ... ما كان أبطاه عن بري وايناسي
سلمت يوم النوى منه وأسلمني ... إلى عدوين نمام ووسواس
ذكرته وهو لاهٍ في محاسنه ... عهود لا ذاكر عهدي ولا ناس
وددت إذ بعته روحي بلا ثمن ... لو كنت أضرب أخماساً لأسداس
يا ويح من أنت يا لمياء بغيته ... ما كان أغناه عن فكر ووسواس
قامت تغنى بشعري وهي حالية ... به ألا حبذا المكسوّ والكاسي
تقول والسكر يطويها وينشرها ... أي الشرابين أحلى في فم الكاس
يا حبذا أنت يا لمياء من سكن ... وحبذا ساكن البطحاء من ناس
ما إن ذكرتك إلا طار بي طربي ... وطاب ريح الصبا من طيب أنفاس
ولا ذكرت الصبا إلا واذكرني ... ليالياً أرضعتني درة الكاس
وجيرة لعبت أيدي الزمان بهم ... أنكرت من بعدهم نفسي وجلاسي
أيام اختال في ثوبي بلهنية ... وميعة من شباب ناعم عاس
عار من العار حال بالصبا كاس ... كأنني والصبا في برد أخماس
أنضيت فه مطايا الجهل والباس ... عريت منه وما عرّيت أفراسي
في صبية كنجوم الليل أكياس ... كان أيامهم أيام أعراس
أسمو إليهم سمو النوم للراس ... أدب فيهم دبيب السكر في الحاسي
باتوا بميشاء صرعي لا حراك بهم ... وإنما صرعتهم صدمة الكاس
يا عاذلي أنت أولى بي فخذ بيدي ... فأنت أوقعتني فيهم على راس
ويا حمام اللوى هلا بكيت معي ... على زمان تقضى أو على ناس
وقال
أرقت وصحبي بالفلاة هجود ... وقد مدّ فرع للظلام وجيد
وأبعدت في المرمى فقال لي الهوى ... رويدك يا شامي أين تريد
أهذا ولما يبعد العهد بيننا ... بلى كل شيءٍ لا ينال بعيد