قد غرّ بعضهم الاهمال يحسبه ... عفواً فعاد لاتلاف وافساد
فذدتهم عن حمي البيت الحرام وهم ... من السلاسل في أطواق أجياد
كأنهم عند رفع الزند أيديهم ... يدعون حياً لمولانا بامداد
وما ارعووا فشهرت السيف محتسباً ... يا برد حرهم في حر أكباد
غادرتهم جزراً في كل منجدل ... كان أثوابه مجت بفرصاد
وأثمر السدر من أجسادهم ثمراً ... حلواً بأفواه أجداث وألحاد
سعيت سعياً جنيناً من خمائله ... نور الأمان لأرواح بأجساد
فكم بمكة من داع ومبتهل ... ومن محب ومن مثن ومن فادي
وعاد كل عصي مصلحاً وغدت ... أيامنا بالهنا أيام أعياد
وقاد كل قصى ذله وهلا ... وكان من قبل صعباً غير منقاد
نفى لذيذ الكرى عنهم تذكرهم ... وقائعاً لك بين الخرج والوادي
أباح سرحك أن يرعى منازلهم ... مهملاً كل معوج ومنآدي
من كل أبيض قد صلت مضاربه ... لما ترقي خطيباً منبر الهادي
وكل أسمر نظام الكلا وله ... إلى العدا طفرة النظام مياد
وصان وسمك في حاش مخالطة ... عن رب غزو تنضّاه بأحساد
أسكنت قلبهم رعباً تذكره ... ينسى الشفوق الموالي ذكر أولاد
أقبلتهم كل مرقال وسابحة ... يسرعن عدواً إلى الأعدا بأطواد
من كل شهم إلى الأعداء منتسب ... بسادة قادة للخيل أجواد
فهاك يا ابن رسول الله مدحة من ... أورت قريحته من بعد إخماد
فأحكمت فيك نظماً كله غرر ... ما أحرزت مثله أقيال بغداد
أضحت قوافيه والاحسان يشرحها ... روض البديع لأرصاد بمرصاد
ترويه عني الثريا وهي هازية ... بالأصمعي وما يروى وحماد
وتستحث مطايا الزهران ركدت ... كأنها إبل يحدو بها الحادي
وتوقظ الركب ميلاً من خمار كرى ... والليل من طول تدآب السرى هادي
أمتك تشفع إذلالاً لمنشئها ... فأقبل تذللها يا نسل أمجاد
وأسبل الستر صفحاً أن بدا خلل ... تهتك به ستر أعداء وحساد
وقل تقرب إلينا تستعز بنا ... ماحق مثلك أن يقصي بابعاد
لا زلت يا عز آل البيت في دعة ... تحف منهم بأنصار وأنجاد
مسعود جد سعيد الفال طالعه ... سعد السعود ملقيًّ كل إسعاد
بحق طه وسبطيه وأمهما ... والمرتضى والمثنى الطهر والهادي
صلى عليهم إله العرش ما سجعت ... قمرية أو شدا في أيكة شادي
وهذه القصيدة تجارت في مضمار معارضتها أدباء العصر. فمنهم من نكص على عقبيه ومنهم من فاز بالنصر. وسيأتي بعض أخواتها مثبتاً في محله إن شاء الله تعالى ومن شعره أيضاً قوله في شداد ناقة الشريف المذكور وكتب عليه وفي كل من البيتين تورية لطيفة
أفق الشداد بدت به ... شمس الخلافة والهلال
ومن العجائب جمعه ... ليث الشرافة والغزال
وقوله وهو معنى مبتكر
ألا أنظر إلي هذا الصفاء لبركة ... تقول لمن قد غاب عنها من الصحب
لئن غبت عن عيني وكدرت مشربي ... تأمل تجد تمثال شخصك في قلبي
وقوله يستدعي جماعة من الفضلاء وهم بجبل النور الكائن بالمعلاة وهو بمنى
عليكم من محب حشواً ضلعه ... ودٌّ أرق إلى الظامي من النطف
تحية يرتضيها الفضل إن نفحت ... أربت على نفحات الروضة الأنف
حواكم الجبل العالي بكم شرفاً ... على المعالي التي تعلو على الشرف