للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المالكيُّ، المغربيُّ المشهور بابن بطَّال، وغالبه في فقه الإمام مالكٍ، من غير تعرُّضٍ لموضوع الكتاب غالبًا، وقد طالعته. وشرحه أيضًا الإمام أبو حفصٍ عمر بن الحسن بن عمر الهوزنيُّ الإشبيليُّ.

وكذا أبو القاسم أحمد بن محمَّد بن عمر بن فردٍ التَّيميُّ، وهو واسعٌ جدًّا.

والإمام عبد الواحد ابن التِّين -بفوقيَّةٍ بعدها تحتيَّةٌ ثمَّ نونٌ- السَّفاقسيُّ، وقد طالعته.

والزَّين بن المُنَيِّر في نحو عشر مجلَّداتٍ، وأبو الأصبغ عيسى بن سهل بن عبد الله الأسديُّ، والإمام قطب الدِّين عبد الكريم الحلبيُّ الحنفيُّ، والإمام مغلطاي التُّركيُّ، قال صاحب «الكواكب»: وشرحُه بتتميم «الأطراف» أشبه، وبصحف تصحيح التَّعليقات أمثل، وكأنَّه من إخلائه من مقاصد الكتاب على ضمان، ومن شرح ألفاظه وتوضيح معانيه على أمان، واختصره الجلال التَّبانيُّ وقد رأيته، والعلَّامة شمس الدِّين محمَّد بن يوسف بن عليِّ بن محمَّد بن سعيدٍ الكرمانيُّ، فشرحه بشرحٍ مفيدٍ، جامعٍ لفرائد الفوائد، وزوائد العوائد، وسمَّاه «الكواكب الدَّراري»، لكن قال الحافظ ابن حجرٍ في «الدُّرر الكامنة»: وهو شرحٌ مفيدٌ، على أوهامٍ فيه في النَّقل؛ لأنَّه لم يأخذه إلَّا من الصُّحف. انتهى. وكذا شرحه ولده التقيُّ يحيى، مستمدًّا من «شرح أبيه» و «شرح ابن الملقِّن»، وأضاف إليه من «شرح الزَّركشيِّ» وغيره من الكتب، وما سنح له من «حواشي الدِّمياطيِّ» و «فتح الباري» و «البدر العنتابيِّ»، وسماه: «مجمع البحرين وجواهر الحبرين»، وقد رأيته وهو في ثمانية أجزاءٍ كبارٍ بخطِّه مُسودَّةً.

وكذا شرحه العلَّامة السِّراج ابن الملقِّن، وقد طالعت الكثير منه.

وكذا شرحه العلَّامة شمس الدِّين البرماويُّ وهو في أربعة أجزاءٍ، أخذه من «شرح الكرمانيِّ» وغيره، كما قال في أوَّله، ومن أصوله أيضًا: «مقدِّمة فتح الباري»، وسمَّاه: «اللامع الصَّبيح»، ولم يُبيَّض إلَّا بعد موته، وقد استوفيت مطالعته كـ «الكرمانيِّ».

وكذا شرحه الشَّيخ برهان الدِّين الحلبيُّ، وسمَّاه «التَّلقيح لفهم قارئ الصَّحيح»، وهو بخطِّه في مجلَّدين، وبخطِّ غيره في أربعةٍ، وفيه فوائد حسنةٌ.

وقد التقط منه الحافظ ابن حجرٍ حين كان بحلب ما ظنَّ أنَّه ليس عنده؛ لكونه لم يكن معه إلَّا كراريسُ يسيرةٌ من «الفتح».

وشرحه أيضًا شيخ الإسلام والحافظ أبو الفضل ابن حجرٍ، وسمَّاه «فتح الباري»، وهو في عشرة أجزاءٍ، ومقدِّمته في جزءٍ، وشهرته وانفراده بما اشتمل عليه من الفوائد الحديثيَّة، والنُّكات الأدبيَّة، والفوائد الفقهيَّة، تغني عن وصفه، لاسيَّما وقد امتاز كما نبَّه عليه شيخنا بجمع طرق الحديث التي ربَّما يتبيَّن من بعضها ترجيح أحد الاحتمالات شرحًا وإعرابًا، وطريقته في الأحاديث المكرَّرة: أنَّه يشرح في كلِّ موضعٍ ما يتعلَّق بمقصد البخاريِّ بذكره فيه، ويحيل بباقي شرحه على المكان المشروح فيه.

قال شيخنا: وكثيرًا ما كان - رحمه الله تعالى - يقول: أودُّ لو تتبَّعت الحوالات التي تقع لي فيه، فإن لم يكن المُحال به مذكورًا، أو ذُكِرَ في مكانٍ آخرَ غير المُحال عليه؛ ليقع إصلاحه؛ فما فعل ذلك، فاعلمه.

وكذا ربَّما يقع له ترجيح أحد الأوجه في الإعراب أو غيره من الاحتمالات أو الأقوال في موضعٍ، ثمَّ يرجِّح في موضعٍ آخرَ غيره، إلى غير ذلك ممَّا لا طعن عليه بسببه، بل هذا أمرٌ لا ينفكُّ عنه كثيرٌ من الأئمَّة المعتمدين، وكان ابتداء تأليفه في أوائل سنة سبع عشرة وثمان مئةٍ على طريق الإملاء، ثمَّ صار يكتب بخطِّه شيئًا فشيئًا، فيكتب الكرَّاس، ثمَّ يكتبه جماعةٌ من الأئمَّة المعتبرين، ويعارض بالأصل مع المباحثة في يومٍ من الأسبوع، وذلك بقراءة العلَّامة ابن خضر، فصار السِّفر لا يكمل منه شيءٌ إلَّا وقد قُوبِل وحُرِّر، إلى أن انتهى في أوَّل يومٍ من رجب سنة اثنتين وأربعين وثمان مئةٍ، سوى ما ألحق فيه بعد ذلك، فلم ينتهِ إلَّا قُبيل وفاة المؤلِّف بيسيرٍ.

ولمَّا تمَّ؛ عَمِلَ مصنِّفُه وليمةً بالمكان المسمَّى بالتَّاج والسَّبع وجوه، في يوم السَّبت ثاني شعبان سنة اثنتين وأربعين، وقُرِئَ المجلس الأخير هناك بحضرة الأئمَّة، كالقايانيِّ والمناويِّ والونائيِّ والسَّعد الدِّيريِّ، وكان المصروف على الوليمة المذكورة نحو خمس مئة دينارٍ، وكملت مقدِّمته وهي في مجلَّدٍ ضخمٍ في سنة ثلاث عشرة وثمان مئةٍ، وقد استوفيت بحمد الله تعالى مطالعتهما.

وقد اختصر «فتح الباري» شيخُ مشايخنا الشَّيخ أبو الفتح محمَّد ابن الشَّيخ زين الدِّين بن الحسين المراغي، وقد رأيته بمكَّة وكتبت كثيرًا منه.

وشرحه العلَّامة بدر الدِّين العينيُّ الحنفيُّ في عشرة أجزاءٍ وأزيد، وسمَّاه «عمدة القاري»، وهو بخطِّه في أحدٍ وعشرين جزءًا مجلَّدًا، بمدرسته التي أنشأها بحارة كتامة بالقرب من الجامع الأزهر، وشرع في تأليفه في أواخر شهر رجب سنة إحدى وعشرين وثمان مئةٍ، وفرغ منه في آخر الثُّلث الأوَّل من ليلة السَّبت خامس شهر جمادى الأولى سنة سبعٍ وأربعين وثمان مئةٍ، واستمدَّ فيه من «فتح الباري»، كان -فيما قِيلَ- يستعيره من البرهان ابن خضرٍ بإذن مصنِّفه له، وتعقَّبه في مواضعَ، وطوَّله بما تعمَّد الحافظ ابن حجرٍ في «الفتح» حذفه من سياق الحديث بتمامه، وإفراد كلٍّ من تراجم الرُّواة بالكلام، وبيان الأنساب واللُّغات والإعراب والمعاني والبيان، واستنباط الفرائد من الحديث والأسئلة والأجوبة وغير ذلك.

وقد حُكِيَ: أنَّ بعض الفضلاء ذكر للحافظ ابن حجرٍ ترجيح «شرح العينيِّ»؛ بما اشتمل عليه من البديع وغيره، فقال بديهة: هذا شيءٌ نقله من شرحٍ لركن الدِّين، وكنت قد وقفت عليه قبله، ولكن قد تركت النَّقل منه؛ لكونه لم يتمَّ، إنَّما كتب منه قطعةً، وخشيت من تعبي

قوله: (الفَوْزَنِي) (١) بالفاء ثم الزاي.

قوله: (الصَّفَاقُسِي) بفتح الصاد المهملة وبعد الألف قاف مضمومة، كما في «القاموس» وبعدها سين مهملة نسبةً إلى صَفَاقُس، بلدٌ بإفريقية على البحر، شُرْبُهم من الآبار.

قوله: (ابْنُ المُنَيِّر) بنونٍ بعد الميم فتحتية.

قوله: (مِغْلَطَاي) (٢)؛ أي: بميم مكسورة فغين معجمة ساكنة آخره تحتية ساكنة.

قوله: (الكِرْمَانِي) بكسرِ الكاف.

قوله: (إِلَّا مِنَ الصُّحُفِ)؛ أي: الكتب لا أفواه المشايخ.

قوله: (العَنْتَابي) بفتح العين المهملة وسكون النون بعدها فوقية وقبل آخره موحدة، نسبةً إلى عَنْتَاب، قلعةٌ بين حلب وأنطاكية من الشام.

قوله: (بِبَاقِي شَرْحِهِ)؛ أي: شرحُ ما في هذا الموضع المكرر من غريب لفظٍ أو زيادةٍ أو نقصانٍ في الروايات أو نحو ذلك.

قوله: (المُسَمَّى بِالتَّاجِ) هو موضعٌ بناهُ خارجَ القاهرة السلطان المؤيد، بين كوم الريش ومُنية السيرج.

قوله: (كَالقَايَانِي) بالقاف ثم التحتية وبعد الألف نون، و (الوَنَّائِي) بنون ممدودة فهمزة كذلك.

قوله: (وَكَمُلَتْ مُقَدِّمَتُهُ … ) إلى آخره، لا يُنافي ما قدَّمه من أنَّه ابتدأ الشرح سنة سبع عشرة؛ لأنَّ المرادَ به ما بعدَ المقدمة فيكون عمل المقدمة أولًا، وشرع في الشرح


(تعليق موسوعة البخاري)
(١) الصواب «الهوزني»، وهو المتوفى ٤٦٠ هـ.
(٢) هكذا ضبطه الشارح، والمشهور مُغْلَطاي.

<<  <   >  >>