بعد فراغها في الاسترسال في هذا المَهْيَع، ولذا لم يتكلَّم البدر العينيُّ بعد تلك القطعة بشيءٍ من ذلك. انتهى.
وبالجملة؛ فإنَّ شرحه حافلٌ كاملٌ في معناه، لكنَّه لم ينتشر كانتشار «فتح الباري» من حياة مؤلِّفه وهلمَّ جرًّا.
وكذا شرح مواضع من «البخاريِّ» الشَّيخ بدر الدِّين الزَّركشيُّ في «التَّنقيح»، وللحافظ ابن حجرٍ نكتٌ عليه لم تكْمل.
وكذا شرح العلَّامة بدر الدِّين الدَّمامينيّ، وسمَّاه «مصابيح الجامع»، وقد استوفيت مطالعتها؛ كشرح العينيِّ وابن حجرٍ والبرماويِّ.
وكذا شرح الحافظ الجلال السُّيوطيّ -فيما بلغني- في تعليقٍ لطيفٍ، قريبٍ من «تنقيح» الزَّركشيِّ، سمَّاه: «التَّوشيح على الجامع الصَّحيح».
وكذا شرح منه شيخ الإسلام أبو زكريَّا يحيى النَّوويُّ قطعةً، من أوَّله إلى آخر «كتاب الإيمان»، طالعتها وانتفعت ببركتها.
وكذا الحافظ ابن كثيرٍ قطعةً من أوَّله، والزَّين بن رجبٍ الدِّمشقيُّ، ورأيت منه مجلَّدةً، والعلَّامة السِّراج البُلقينيُّ، رأيت منه مجلَّدةً أيضًا، والبدر الزَّركشيُّ في غير «التَّنقيح» مطوَّلًا، رأيت منه قطعةً بخطِّه، والمجد الشِّيرازيُّ اللُّغويُّ مؤلِّف «القاموس»، سمَّاه: «منح الباري بالسَّيح الفسيح المجاري في شرح البخاري»، كمَّل ربع «العبادات» منه في عشرين مجلَّدًا، وقدر تمامه في أربعين مجلَّدًا.
قال التَّقيُّ الفاسيُّ: لكنَّه قد ملأه بغرائب المنقولات، لاسيَّما لما اشتُهِر باليمن مقالة ابن عربيٍّ، وغلب ذلك على علماء تلك البلاد، وصار يدخل في شرحه من فتوحاته الكثير ما كان سببًا لِشَيْن شرحه عند الطَّاعنين فيه.
وقال الحافظ ابن حجرٍ: إنَّه رأى القطعة التي كملت في حياة مؤلِّفه قد أكلتها الأَرَضَة بكمالها، بحيث لا يقدر على قراءة شيءٍ منها. انتهى.
وكذا بلغني أنَّ الإمام أبا الفضل النُّويريَّ خطيب مكَّة شرح مواضع من «البخاريِّ».
وكذا العلَّامة محمَّد بن أحمد بن مرزوق شارح «بردة البوصيريِّ»، وسمَّاه: «المتجر الرَّبيح والمسعى الرَّجيح في شرح الجامع الصَّحيح»، ولم يكمل أيضًا.
وشرح العارف القدوة عبد الله بن أبي جمرة ما اختصره منه، وسمَّاه: «بهجة النفوس»، وقد طالعته، والبرهان النعمانيّ إلى أثناء الصَّلاة، ولم يفِ بما التزمه، رحمه الله تعالى وإيَّانا.
وشيخ المذهب وفقيهه شيخ الإسلام أبو يحيى زكريَّا الأنصاريُّ السُّنَيكيُّ، والشَّمس الكورانيُّ مؤدِّب السُّلطان المظفَّر أبي الفتح محمَّد بن عثمان فاتح القسطنطينيَّة، سمَّاه: «الكوثر الجاري إلى رياض صحيح البخاري»، وهو في مجلَّدتين، والعلَّامة شيخ الإسلام أبو البقاء جلال الدِّين البلقينيُّ بيَّن ما فيه من الإبهام، وهو في مجلَّدةٍ.
وصاحبنا الشَّيخ أبو البقاء الأحمديُّ، أعانه الله تعالى على الإكمال.
وشيخنا فقيه المذهب الجلال البكريُّ، وأظنُّه لم يكمل.
وكذا صاحبنا الشَّيخ شمس الدِّين الدُّلجيُّ، كتب منه قطعةً لطيفةً.
ولابن عبد البرِّ: «الأجوبة على المسائل المستغربة من البخاري»، سأله عنها المهلَّب بن أبي صفرة.
وكذا لأبي محمَّد ابن حزم عدَّة أجوبةٍ عليه، ولابن المُنَيِّر حواشٍ على ابن بطَّالٍ، وله أيضًا كلامٌ على التَّراجم سمَّاه: «المتواري». وكذا لأبي عبد الله بن رُشَيدٍ: «ترجمان التَّراجم»، وللفقيه أبي عبد الله محمَّد بن منصور بن حمامة المغراويِّ السِّجِلْماسيِّ: «حلُّ أغراض البخاري المُبهَمة في الجمع بين الحديث والتَّرجمة»، وهي مئة ترجمةٍ.
ولشيخ الإسلام الحافظ ابن حجرٍ: «انتقاض الاعتراض»، يجيب فيه عمَّا اعترضه عليه العينيُّ في «شرحه»، طالعته لكنَّه لم يجب عن أكثرها، ولعلَّه كان يكتب الاعتراضات، ويبيِّض لها ليجيب عنها، فاخترمته المنيَّة.
وله أيضًا: «الاستنصار على الطَّاعن المِعْثار»، وهو صورة فُتيا عمَّا وقع في خطبة شرح البخاريِّ للعلَّامة العينيِّ.
وله أيضًا «أحوال الرِّجال المذكورين في البخاريِّ زيادةً على ما في تهذيب الكمال»، وسمَّاه: «الإعلام بمن ذُكِرَ في البخاري من الأعلام».
وله أيضًا: «تغليق التَّعليق»، ذكر فيه تعاليق أحاديث «الجامع» المرفوعة، وآثاره الموقوفة والمتابعات، ومن وصلها بأسانيده إلى الموضع المعلَّق؛ وهو كتابٌ حافلٌ عظيمٌ في بابه، لم يسبقه إليه أحدٌ فيما أعلم، وقرَّظ له عليه العلَّامة اللُّغويُّ المجد صاحب «القاموس»، كما رأيته بخطِّه على نسخةٍ بخطِّ مؤلِّفه، ولخَّصه في «مقدِّمة الفتح»، فحذف الأسانيد ذاكرًا من خرَّجه موصولًا.
وكذا شرح «البخاريَّ» العلَّامة المفنِّن الأوحد، الزَّين عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحمن بن أحمد، العباسيُّ الشَّافعيُّ، شرحًا رتَّبه على ترتيبٍ عجيبٍ، وأسلوبٍ غريبٍ، فوضعه -كما قال- في ديباجته على منوال «مصنَّف ابن الأثير»، وبناه على مثال «جامعه» المنير، وجرَّده من الأسانيد، راقمًا على هامشه بإزاء كلِّ حديثٍ حرفًا أو حروفًا، يُعلَم بها من وافق البخاريَّ على إخراج ذلك الحديث من أصحاب الكتب الخمسة، جاعلًا إثر كلِّ كتابٍ جامعٍ منه بابًا لشرح غريبه، واضعًا الكلمات الغريبة بهيئتها على هامش الكتاب، موازيًا لشرحها؛ ليكون أسرع في الكشف وأقرب إلى التَّناول، وقرَّظ له عليه شيخنا شيخ الإسلام البرهان بن أبي شريفٍ،
بعد تمامها.
قوله: (المَهْيَع) بفتح الميم وسكون الهاء وبعد المثناة التحتية المفتوحة، عينٌ مهملةُ: الطريق الواسع الواضح استُعير للأسلوب والطريقة.
قوله: (بِالسَّيْحِ) بتحتية بعد السين المهملة آخره حاء متعلقٌ بمنح، والسَّيح المطر، و (المجاري) بفتح الجيم جمعُ مجرى؛ أي: الفسيحةُ مجاريه؛ أي: ذلك السيح.
قوله: (المَتْجَرُ) بفوقية ساكنة فجيم؛ أي: محل التجارة، (الرَّبِيْحُ)؛ أي: الكثير الربح.
قوله: (السُنَيْكِي) بضم السين وفتح النون وسكون التحتية، نسبةً إلى سُنيك بلدٌ بالشرق منها شيخ الإسلام ﵁.
قوله: (الفَرَاوِي) بفتح الفاء والراء مخففًا، و (السِلْجَماسِي) بسين مهملة مكسورة فلام ساكنة فجيم ثم سين مهملة أيضًا، نسبةً إلى سِلْجَماسَة: قريةٌ بالمغرب.
وقوله: (حَلُّ أَغْرَاضَ … ) إلى آخره؛ أي: كتابٌ مسمى بذلك خاصٌّ ببيانِ المناسبات بين التراجم وما فيها.
قوله: (انْتِقَاضُ الاعْتِرَاضِ) اسمٌ للكتاب المذكور الذي جعله فيما اعترضَ به عليه العيني.
قوله: (المِعْثَار) بكسر الميم وبالمثلثة: الكثير العثور والسَّقط.
قوله: (الإِعْلَامُ) بكسر الهمزة في الأول وفتحها في الثاني، صفةً لمحذوفٍ؛ أي: الرجال الأعلام.
قوله: (تَغْلِيْقُ التَّعْلِيْقِ) بالغين المعجمة في الأول مصدرُ غَلَّقْتُ الباب بالتشديد مبالغةً في غَلَقْتُهُ مُخففًا بمعنى أوثقته، استعير لذكرِ الأسانيد التي تركها المؤلفُ في تلك التعاليق والموقوفات والمتابعات كأنَّه أوثقها بهذه الأسانيد بعد أن كانت كالسائبة.
قوله: (وَقَرَّظ لَهُ) التَّقْرِيظ