وأحوال أحياءٍ تتمُّ وبعدها … مواريث أمواتٍ أتت للمقاسم
فرائضهم فيها كتابٌ يخصُّها … وقد تمَّت الأحوالُ حالات سالم
ومن يأت قاذورًا تَبيَّن حدُّه … محاربهم فيها أتت حتم حاتم
وفي غرَّةٍ فاذكر دياتٍ لأنفسٍ … وفيه قصاصٌ جاء لأهل الجرائم
وردَّة مرتدٍّ ففيه استتابةٌ … بردَّته زالت عقود العواصم
ولكنَّما الإكراه رافعُ حكمه … كذا حِيَلٌ جاءت لفكِّ التَّلازم
وفي باطن الرُّؤيا لتعبير أمرها … وفتنتها قامت فما من مقاوم
وإحكامها خلفًا يزيل تنازعًا … كتاب التَّمنِّي جاء رمزًا لراقم
ولا تتمنَّوا جاء فيه تواترٌ … وأخبار آحادٍ حِجَاجٍ لعالم
كتاب اعتصامٍ فاعتصم بكتابه … وسُنَّة خير الخلق عصمة عاصم
وخاتمة التَّوحيد طاب ختامها … بمبدئها عطرٌ ومسكٌ لخاتم
فجاء كتابٌ جامعٌ من صحاحنا … لحافظ عصرٍ قد مضى في التَّقادم
أتى في البخاري مدْحةٌ لصحيحه … وحسبك بالإجماع في مدح حازم
وقوله: (مُعَامَلَةُ الإِنْسَانِ فِيْ طَوْعِ رَبِّهِ)؛ أي: كائنةٌ في جملة (طوع … ) إلى آخره؛ أي: فهي من جملة العبادات فإردافها بها لتلك المناسبة.
وقوله: (يَلِيْهَا ابْتِغَاءُ الفَضْلِ)؛ أي: الرزق؛ أي: باب ابتغاء الفضل.
وقوله: (سُوْقَ المَوَاسِمِ)؛ أي: وسوق المواسم؛ أي: المجامع التي كانت في العرب كسوق عكاظ، ولا يخفى أنَّه يكون في الأسواق طلب الأرزاق بالبيع والشراء ونحوهما.
وقوله: (وَأَنْوَاعُهَا)؛ أي: المعاملات، و (تميَّزَت) تفصَّلت وعلمت.
وقوله: (فِيْ الرَّهْنِ والإعتاقِ فكُّ الملازم)؛ أي: الأمر الملازم لصاحبه، وهو سلطنة الرِّق في العبد وسلطنة الراهن في الرهن، فبينهما مناسبة من هذا الوجه، فلذا أعقب الرهن بالعتق فقوله (مُنَاسَبَةٌ تَخْفَى)؛ أي: هذه المناسبةُ مناسبةٌ تخفى (على فهمِ صارمِ)، بالصاد المهملة والراء؛ أي: شُجاع ماض كالسيف القاطع، وذلك لدقتها فلا تُدرك إلَّا بدقة التأمل.
وقوله: (كِتَابَةُ عَبْدٍ) مبتدأ وخبره محذوف؛ أي: بعدها أو العكس، وتعقيبه بها ظاهرٌ؛ لأنَّها من أنواعه.
وقوله: (ثُمَّ فِيْهَا تَبَرُّعٌ)؛ أي: من المكاتِب للمكاتَب بشيء من مال الكتابة.
وقوله: (كَذَا هِبَةٌ … ) إلى آخره؛ أي: فذِكْرُها بعد التبرع المذكور؛ لأنها -أي: الهبة- تبرعٌ أيضًا، ثم لكونه قد يفضي الحال في الهبة إلى التداعي وطلب الشهود أعقبها؛ -أي: الهبة- بـ «كتاب الشهادات» فلذا قال: (كذا هبة فيها … ) إلى آخره.
وقوله: (وَلِلْشُهَدَا فِيْ الوَصْفِ … ) إلى آخره؛ أي: إنَّ الشُّهود يثبتُ لهم من الأوصاف ما للحاكم من العدالة والعقل ونحو ذلك.
وقوله: (وَكَانَ حَدِيْثُ الإِفْكِ … ) إلى آخره؛ أي: إنَّه أعقبَ «كتاب الشهادة» بحديث الإفك لما فيه من مناسبات أحوال الشهود إذ ظهر فيه إفكُ من جاء به، وتعديل السيدة الصديقة بنت الصديق ﵂، وبراءة ساحتها القدسية من قبل هذه الجرائم العظيمة وغيرها.
وقوله: (يُذْكَرُ بَعْدَهُ)؛ أي: بعدَ الإفكِ، وقد بَيَّنَ وجهَ المناسبة بقوله (فَبِالصُلْحِ … ) إلى آخره، ولعلَّ أصل التناسب إنَّما هو بينه وبين الشهادات التي تحصل في الدعاوى، وذَكَرَ بينهما الإفكَ استطرادًا لِمَا ذُكِرَ من المناسبة، ثم لما كان الصلح يكون على شروط وذَكَرهَا، ناسبَ أن يذكرَ عقبه بقية أحكام الشروط الداخلة في بقية الأحكام؛ فذَكَرَ «كتابَ الشروط» في الإسلام والأحكام وغير ذلك مما يُعقد على شروط.
وقوله: (كِتَابُ الوَصَايَا)؛ أي: بعد «كتاب الشروط» «كتاب الوصايا والوقف» لما فيهما من العمل بشرط الموصي والواقف من الوصي والناظر، والضمير في (بها) إمَّا للشروط المفهومة من (شارط) والجار والمجرور خبر مقدَّم، و (عمل) مبتدأ مؤخر، و (ثَمَّ) بمثلثة مفتوحة؛ أي: هناك؛ أي: في الوصايا والوقوف، و (لِقَائِمِ) متعلق بعمل؛ أي: لمن يقوم بذلك مِن وصيٍّ وناظر، أو بفوقية: فعلٌ ماضٍ من التمام و (لقائم) متعلق به؛ أي: إنَّه متى كان على حسب تلك الشروط كان نافذًا غير منقوض، ويحتمل أن يكون (لشارط) خبرًا مقدَّمًا و (عمل) مبتدأ مؤخر، و (بها) بمعنى فيها، متعلق بشارط.
وقوله: (مُعَامَلَتَا رَبٍّ … ) إلى آخره؛ أي: ما تقدَّمَ من أول الكتاب إلى هنا هو معاملتا الخلق والخالق؛ أي: قسم يختص بالعبادة التي هي معاملة الخالق، وقسم بالخَلْق وهو معاملة المخلوق، ثم أردف ذلك بما يشمل كُلًّا منهما وهو معنى قوله: (وَثَالِثُهَا جَمْعٌ … ) إلى آخره؛ أي: وثالث الأقسام جمع بين هذين القسمين (غَرِيبٌ لِفَاهِم)؛ أي: عظيمٌ لمن يفهمه وهو الجهاد، فإنَّه من حيث بذلُ الإنسان نفسه لإعلاء كلمة الله معاملة للخالق، ومن حيث ما فيه من الغنائم وأخذها بدون رضا أربابها وقسمتها بين المجاهدين معاملة للمخلوق، وقد أشار لذلك بقوله: (اجْهَدْ لإِعْلَاءِ كَلِمَةٍ) وقوله: (وَفِيْهِ اكْتِسَابُ المَالِ) و (كتاب) خبر مبتدأ محذوف؛ أي: وهو؛ أي: الثالث كتاب إلى آخره، وفرَّع عليه قوله:
(فَيُمْلَكُ … ) إلى آخره، إما بالبناء للمجهول و (مال) نائب فاعل، أو للفاعل، وفيه ضمير يعود على المجاهد المفهوم من المقام.
وقوله: (وَجِزْيَتُهُم بِالْعَقْدِ)؛ أي: المُلتبسة بعقدها (فيه)؛ أي: مذكورة؛ أي: بابها فيه (كتابها)؛ أي: في «كتاب الجهاد»: «كتاب الجزية»، والترجمة للجزية، ثم بـ (باب) لا (كتاب) فلعلَّ الناظمَ تجوَّزَ به عنه لاستقامة النَّظْمِ، أو أرادَ بالكتاب المصدر، بمعنى اسم المفعول على تقدير مضافين؛ أي: دالٌّ أحكامها.
وقوله: (مُوَادَعَةٌ مَعَهَا)؛ أي: وذكرَ معها؛ أي: بعدها «بابَ: المُوادعة»؛ أي: موادعة الإمام ملك القرية هل يكون ذلك لبقيتهم؟ والموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره، والمناسبة بين الجهاد والجزية، وبينها وبين الموادعة ظاهرة.
وقوله: (كِتَابٌ لِبَدْءِ الخَلْقِ)؛ أي: وبعد هذا كتاب «بدء الخلق».
وقوله: (بَعْدَ تَمَامِهِ … ) إلى آخره؛ أي: بعدَ إتمامه (مقابلة) بالموحدة النَّصب على المفعولية لـ (تمام) الذي هو اسم مصدرٍ بمعنى المصدر، ويحتملُ أن كتابَ مبتدأ والظَّرف خبره و (بَيْدَ) بموحدة فتحتية ساكنة؛ أي: لأجلِ (المقاسم) متعلقٌ بـ (مقابلة)؛ أي: بعد مقابلة