أصحُّ كتابٍ بعد تنزيل ربِّنا … وناهيك بالتَّفضيل فاجأر لراحم
وقل رحم الرَّحمن عبدًا موحِّدًا … تحرَّى صحيحَ القصد سُبْل العلائم
وفي سُنَّة المختار يبدي صحيحها … بإسناد أهل الصِّدق من كلِّ حازم
وإنَّا توخَّينا كتابًا نخصُّه … على أوجهٍ تأتي عجابًا لغانم
الإنسان العدو ومقاتلته لأجل المقاسم؛ أي: الأموال التي تُقسم، وهي الغنائم والشأن في الحروب أن تكون لذلك، وأيًّا ما كانَ ففي الكلام نوعُ قلاقةٍ ليس لها من دون التطويل علاقة.
وقوله: (لِلْأَنْبِيَا فِيْهِ)؛ أي: في «كتاب بدء الخلق».
وقوله: (كِتَابٌ يَخُصُّهُم) سيأتي أن رواية غير اليُونينية: «باب: خلق آدم وذريته» ورواية اليونينية: «كتاب الأنبياء» وعليها فقوله (وللأنبيا فيه) إِمَّا أنْ يكونَ ضميرُهُ للبدءِ وهو ظاهرٌ، أو للكتاب، ففي بمعنى بعد، ثمَّ على رواية اليونينية لا احتياج إلى تأويل (في باب) وعلى رواية غيرها (ففي) على ظاهرها، و (باب) مراد منه الجنس، إذ المذكور للأنبياء أبواب متعددة لا بابٌ واحد.
وقوله: (فَضَائِلُ تَتْلُو)؛ أي: إنَّه يذكرُ بعد ذلك كتاب الفضائل، يعني: فضائل قريش والصحابة والمهاجرين والأنصار وما يتعلق بذلك.
وقوله: (ثُمَّ غَزْوُ نَبِيِّنَا) ثم بعدَ ذلك «كتابُ المغازي»، وذكر غزواته ﷺ وبعوثه (وما جرى) له ومنه في حياته ﷺ في الدعاء إلى الإسلام، وكمكاتبة الملوك وغير ذلك (حتى الوفاة)؛ أي: إلى وفاته ﵊.
وقوله: (لِخَاتَمِ)؛ أي: لخاتم الرسل متعلق بـ (جرى).
وقوله: (وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ … ) إلى آخره؛ أي: وبعد ذلك وصية النبي ﷺ والكتاب الذي هَمَّ بِكِتَابَتِهِ فِيْ مَرَضِ مَوْتِهِ بِالعَمَلِ بِالقُرْآنِ الشَّرِيْفِ والتمسك به، و (عازم) بالعين المهملة والزاي المعجمة من العَزْم، والمراد منه النَّبيَّ ﷺ في عزمه على كتابة ذلك.
وقوله: (تَعَقَّبَهُ)؛ أي: تعقب «كتاب وصية النَّبيِّ ﷺ»؛ أي: ذكره عقبه.
وقوله: (وَإِنَّ أُوْلِي التَّفْسِيْرِ) بالكسر، استئناف؛ أي: إنَّ أصحاب تفسير القرآن؛ أي: العالمون به (أهل العزائم)؛ أي: أرباب الهمم العلية والمقاصد السنية، قال تعالى: ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩] على ما قيلَ: إنها معرفةُ تفسير القرآن.
وقوله: (وَفِيْ ذَاكَ إِعْجَازٌ لَنَا)؛ أي: في معرفة التفسير معرفة إعجاز القرآن؛ أي: كونه مُعجزًا للبشر.
وقوله: (وََدَلِيْلُنَا)؛ أي: معرفةُ أدلتنا في العقائد والأحكام الشرعية، وفيه أيضًا: إحياء لأرواح أهل الكرائم؛ أي: النفوس الكريمة بما فيه من العلوم والمعارف التي بها تحيا الأرواح الحياة الأبدية.
وقوله: (كِتَابُ النِّكَاحِ)؛ أي: وبعد ذلك؛ أي: «كتاب التفسير» «كتاب النكاح»، وأشار إلى مناسبته للتفسير بالسابق واللاحق من قوله: (وَإِحْيَاؤُهُ أَرْوَاحُ أَهْلِ الكَرَائِمِ).
وقوله: (انْظُرْهُ فِيْهِ تَنَاسُلٌ حَيَاةٌ … ) إلى آخره؛ أي: فذلكَ حياةُ الأرواح وهذا حياة الأجسام.
وقوله: (مُحَالِمِ) بالحاء المهملة؛ أي: صائر إلى أن يبلغ الحلم.
وقوله: (وَمِنْ بَعْدها حُسْنُ العَشِيْرِ)؛ أي: من بعد النكاح وتعلقاته حسن العشير؛ -أي: المعاشر؛ أي: باب حسن المعاشرة مع الأهل- و (الملائم) صفة العشير، وفيه: تلميح إلى التناسب بينه وبين النكاح.
وقوله: (كِتَابُ طَلَاقٍ … ) إلى آخره، على نسق ما قبله.
وقوله: (وَفِيْ النَّفَقَاتِ … ) إلى آخره؛ أي: وفي «أبواب النفقات» أبواب نفقة المُوسر والمُعدَم؛ -أي: المعسر- يُشيرُ إلى «باب: نفقة المعسر على أهله».
وقوله: (وَأَطْعِمَةٌ … ) إلى آخره؛ أي: ويتلو ذلك أطعمة؛ أي: «كتاب الأطعمة» وأبواب ما يحل منها وما يحرم، ومناسبتها للنفقات حتى ذكرت عقبها ظاهرة.
وقوله: (وَعَقٌّ … ) إلى آخره، بالعين المهملة المفتوحة والقاف مبتدأ ويتلو خبره، وهو على تقدير مضاف، وباب العقِّ عن المولود؛ أي: طلب ذبح عقيقته.
وقوله: (كَذَا الذَّبْحُ … ) إلى آخره؛ أي: كذلك يتلو الذبحَ؛ -أي: «كتاب الذبائح والصيد» - لأنَّ كُلًّا طعام وذبح، والظاهرُ أنَّ قوله: (بيانَ الملائم) بالنصب مفعول لمحذوف؛ أي: افهم بيان الملائم؛ أي: انضمام الملائم بعضه لبعض. وقوله: (وَأُضْحِيَةٌ)؛ أي: و «كتاب الأضحية» على نسق ما قبله.
وقوله: (فِيْهَا ضِيَافَةُ رَبِّنَا) استطرادٌ ببيان حكمتها، وأنَّها ضيافة من الله للناس أيام العيد.
وقوله: (وَمِنْ بَعْدِهَا المَشْرُوْب)؛ أي: «كتاب الأشربة» أو أحكام المشروبات لقوله تعالى: ﴿كُلُواْ وَاشْرَبُواْ﴾ [البقرة: ٦٠].
وقوله: (وَغَالِبُ أَمْرَاضٍ بِأَكْلٍ وَشُرْبِهِ)؛ أي: حاصلٌ بسببِ أكلِ الإنسان وشُربه، فهو مُتولد عنهما، فلذا ذكر «كتاب المرضى والطب» عقبهما.
وقوله: (بِرَفْعِ المَآثِمِ) يظهرُ أنَّه تحريفٌ، والصواب (برفعِ المآلم) باللام بعد الهمزة الممدودة، جمع مألم مصدرٌ ميمي من الألم؛ أي: مصحوبًا هو؛ -أي: «كتاب المرضى» - بالطب الذي يرفع المآلم، ثم ذكرَ فيهِ؛ أي: في «الطب» «بابَ: الرُّقى»؛ لأنها من جُملة الطبِّ كما قال: (فَبِالطِّبِ يُسْتَشْفَى مِنَ الدَّا) بالقصرِ للضرورة … إلى آخره، ومن المعلوم أنَّ الإنسان كما يحتاج إلى الطعام والشراب يحتاج إلى اللباس ليتزين به، فلذا ذكر «كتاب اللباس» بعد «الطب» الذي هو من تعلقات الأكل والشرب، وإذا استوفى الإنسان ما به يتربى جسمه ويتحسن، التفت إلى ما به تتربى روحه وتتكمل، وذلك بالأخلاق المرضية والآداب السنية،