للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عسى الله يهدينا جميعًا بفضله … إلى سُنَّة المختار رأس الأكارم

وصلَّى على المختار أللهُ ربُّنا … يقارنها التَّسليم في حالِ دائم

وآلٍ له والصَّحب معْ تبعٍ لهم … يقفُّون آثارًا أتت بدعائم

بتكرير ما يبدو وتضعيف عدِّه … وفي بدئها والختم مسك الخواتم

فذكر بعد ذلك «كتابَ الآداب»، والكرائمُ هي الأفعال الكريمة، و (به) بمعنى فيه؛ أي: يذكرُ فيه الأفعال الجليلة، ثم من جملة الآداب الاستئذان في دخول بيت الغير و (به تُفتح الأبواب) المغلقة في (وجه المُسالم)؛ أي: المُستأذن الذي ليسَ بينه وبين المستأذن عليه عداوةٌ إذا أراد دخوله فهو سبب فتحِ الأبواب الحسية، والدعاء سببٌ في فتح الأبواب المعنويةِ للمطالبِ الإنسانية، فناسب أن يذكر «كتاب الدعاء» عقبَ «كتب الاستئذان»، وفَصْلُهُمَا بترجمةٍ مع دخولهما في الآداب لعله لجلالتهما وعِظَمِ الأحكام والأغراض المترتبة عليهما، كما أشار لذلك الناظم بقوله:

وَبِالدَّعَوَاتِ الفَتْحُ مِنْ كُلِّ مُغْلَقٍ … وَتَيْسِيْرُ أَحْوَالٍ لِأَهْلِ المَعَازِمِ

بالعين المهملة ثم الزاي جمع (معزم) بمعنى العزم والقصد.

وقوله: (رِقَاق) بكسر الراء يعني «كتاب الرقاق» (بعد) «كتاب الدعاء»، وهو جمع رقيقة؛ أي: مُرققة؛ يعني: الأمور التي ترققُ القلب ويحصل بها التذكر؛ أي: الاتعاظ.

وقوله: (وَلِلْقَدَرِ اذْكُرْهُ)؛ أي: اذكرْ القَدَرَ بالتحريك؛ أي: «كتاب القدر» بعد «كتاب الرقائق» (لأهل الدعائم) جمع دِعامة، ما يُعتمد عليه؛ يعني: لأهل الاعتماد والتوكل عليه تعالى.

وقوله: (وَلَاْ قَدَرٌ … ) إلى آخره، استطراد.

وقوله: (تَبَرُّرنَا بِالنَّذْرِ)؛ أي: وتبررنا بالنذر؛ أي: وبعد القدر «أبوابُ نذرُ التَّبرر» الذي يحمل عليه الشوق إلى حسن ختام الأمر المطلوب.

وقوله: (وَأَيْمَانٌ مِنْ كُتُبٍ) مبتدأ وخبر، وأيمان بفتح الهمزة على تقدير مضاف؛ أي: و «كتاب الأيمان» من جملة الكتب، يريد بهذه الجملة التي هي كالسماء فوقنا أنَّ الأيمان بعد نذر التبرر.

وقوله: (وَكَفَّارَةٌ لَهَا كَذَا النَّذْرُ … ) إلى آخره؛ أي: وبابُ «كفارةِ اليمينِ ونذر اللجاج»، وظاهره أنَّ النذر المذكور بعد الكفارة، وليس كذلك، بل هو والأيمان في ترجمة واحدةٍ، وباب كفارة الأيمان بعد النذور.

وقوله: (بَدَا)؛ أي: ظهر ضميره للنذرِ المذكور، و (المَلَاحِم) بفتح الميم وبالحاء المهملة: الشدائد من التحمَ الحربَ: اشتدَّ.

وقوله: (وأحوال أموات) (١) ثم تمهيدٌ لوجه ذكرِ «كتاب الفرائض» بعد ذلك؛ أي: إنَّه بمضمون التراجم المتقدمة تتم أحوال الأحياء، ثم يعقبها أحوال الأموات، فلذا أعقب ذلك «كتاب الفرائض».

وقوله: (حَالَاتُ سَالِمِ) بدل من الأحوال، وسالم؛ أي: من القاذورات المعنوية التي هي المعاصي، وبقي ما يتعلق بحالِ من يأتي تلك القاذورات فذكرَ «كتاب الحدود»، فظهرت المناسبة بين السابق واللاحق.

وقوله: (مَحَارِبُهُم فِيْهَا أَتَتْ)؛ أي: حِرَاباتهم؛ يعني: المحاربين من أهل القاذورات فيها؛ أي: في الحدود؛ أي: بعدها أو في القاذورات؛ أي: داخلة فيها، فلذا ذكرت بعد الحدود ومراده «كتاب المحاربين» من أهل الكفر والردة.

وقوله: (حَتْمُ حَاتِم) بحاء مهملة ثم فوقية فيهما؛ أي: حتم ذلك، وجزم به حتمًا من حاتم، وهو الله تعالى، أو النَّبيُّ .

وقوله: (وَفِيْ غُرَّةٍ … ) إلى آخره، هو بضم الغين المعجمة وتشديد الراء؛ أي: في ذكر الغُرَّةِ الواجبة في الجناية على الجنين.

وقوله: (فَاذْكُرْ دِيَّاتٍ … ) إلى آخره، الفاء زائدة، وصريحُ كلامه أنَّ ترجمة الدِيات مذكورةٌ في تراجم الغُرة، فالغُرة سابقة والديات لاحقة، وليس كذلك بل الأمرُ بالعكس، فكتاب الديات عقب «كتاب المحاربين»، وفي ضمن أبوابه: «باب: جنين المرأة»، وكذا قوله: (وَفِيْهِ قِصَاصٌ) فإنَّ «بابَ: القِصَاصِ» في «كتاب الديات» قبل «باب: الجنين»، ترجمَ له بقوله: «باب قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: ١٧٨]» بعد الديات بباب واحد، وقبل «باب: الجنين» بأبواب شتى.

وقوله: (وَرِدَّةُ مُرْتَدٍّ)؛ أي: وبعد ذلك (رِدَّةٌ … ) إلى آخره، أي: «كتاب المرتدين»، وفي قوله: (وَفِيْهِ اسْتِتَابَةٌ … ) إلى آخره، أن أصلَّ التَّرجمة بكتابِ المُرْتَدِّيْنَ، وفيها باب استتابتهم مثلًا، وليس كذلك بل المذكور «كتاب استتابة المرتدين وقتالهم»، وبعد ذلك «باب: حكم المرتد والمرتدة»، و «باب: قتل مَن نسب إلى الردة».

وقوله: (بِرِدَّتِهِ … ) إلى آخره، استطرادٌ ببيانِ وجهِ قتلِ المُرتد، و (العواصم) الأمور التي عصمت دمه وماله؛ من الإيمان وأعماله.

وقوله: (وَلَكِنَّمَا الإِكْراهُ رَافِعُ حُكْمِهِ)؛ أي: حكم ذلك الارتداد الذي يحصل به فله به أتم مناسبة، فلذا ذكر عقبه، وترجمه المصنف بلفظ: «كتاب الإكراه»، وذكر بعده «باب: من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر»، ثم أبوابُ الإكراهِ في البيع والنكاح وغيرهما، لكون ذلك من أفراد مطلق الإكراه.

وقوله: (كَذَا حِيَلٌ … ) إلى آخره؛ أي: إنَّه ترجمَ بعدَ «أبوابِ الإكراه» للحيل، فقال: «باب: الحيلة في النكاح» «باب: ما يُكره من الاحتيال في البيوع … » إلى آخره، ولعلَّ مُنَاسَبته للإكراهِ أنَّ في الارتدادِ بالإكراه تخلصًا من القتلِ وتحيُّلًا على خلاصِ النفسِ، فناسبَ أن يذكرَ معهُ التَّحيل في باقي الأحكام، فإنَّ به ينفكُ التلازمُ فيها كما ينفكُّ به فيه، ثم انظرْ ما معنى قوله: (وَفِيْ بَاطِنِ الرُّؤْيَا … ) إلى آخره، فإن كانَ المرادُ


(١) تعليق المكتبة الشاملة: كذا في الشرح. والبيت في المتن، كما سبق ص ١١٨:
وأحوال أحياءٍ تتمُّ وبعدها … مواريث أمواتٍ أتت للمقاسم

<<  <   >  >>