للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣. أن قولهم يفضي إلى تقييد كل واحد من الحديثين، وما ذكره أصحاب القول الأول تقييدٌ لأحدهما وحده (١).

دليل القول الرابع: يمكن أن يستدل له بعموم الحاجة إلى المزارعة في كل حين وكل مكان، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ويكون الواجب كفائيًا؛ لأنه مما يطلب تحصيله في الجملة لا على كل مكلف (٢).

المناقشة: أن المزارعة من المباحات، وهي من جملة الحرف والصنائع، فمتى استغنى الناس عنها بالاستيراد -مثلًا- أو أنواع التجارات الأخرى فلا يمكن تأثيمهم بغير دليل صريح.

الترجيح

الراجح جواز المزارعة مطلقًا (٣).

أسباب الترجيح:

١. ما ذكر من الأدلة الصريحة.

٢. تتابع عمل الصحابة والتابعين عليه.

٣. مناقشة أدلة المخالفين.

٤. أن إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، وبهذا القول تجتمع النصوص وتأتلف.

٥. أن كون نصيب العامل مشاعًا يُظهِر اجتهاده في العمل، وهذا أنفى للغرر وأقرب للعدل.

تنبيه:

المخابرة المنهي عنها هي المزارعة المنهي عنها، ومن أسمائها المحاقلة، وذهب بعض العلماء إلى التفريق بينهما (٤)، قال ابن تيمية: (والصحيح أنه نهى عن المزارعة، كما نهى عن المخابرة، وكما نهى عن كراء الأرض، وهذه الألفاظ في أصل اللغة عامة لموضع نهيه وغير موضع نهيه، وإنما اختصت بما يفعلونه لأجل التخصيص العرفي لفظًا وفعلًا، ولأجل القرينة اللفظية، وهي لام العهد وسؤال السائل، وإلا فقد نقل أهل اللغة أن المخابرة هي المزارعة والاشتقاق يدل على ذلك) (٥).


(١) وفيه أوجه أخرى: المغني ٧/ ٥٥٩ - ٥٦٠، تنقيح المناظرة لابن جماعة الشافعي ص ٨٠ - ٨١.
(٢) ينظر: الموافقات ١/ ٢٠٦ - ٢١٠.
(٣) المراد في محل الخلاف وبتحقق شروطه.
(٤) نهاية المطلب ٨/ ٦ - ٧، تنقيح المناظرة ص ٢٨، كفاية الأخيار ص ٣٥٨ - ٣٥٩.
(٥) القواعد الكلية ص ٣٥١.

<<  <   >  >>