للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جل العلماء على جواز المساقاة أيضًا (١).

الدليل الثاني: الإجماع، ونقله ابن قدامة (٢).

الدليل الثالث: أن الحكمة والمصلحة الشرعية تقتضي جوازه، فإن كثيرًا من أهل النخيل والشجر يعجزون عن سقيه، ولا يمكنهم الاستئجار عليه، وكثير من الناس لا شجر لهم ويحتاجون إلى الثمر، ففي تجويز المساقاة دفعٌ للحاجتين وتحصيل لمصلحة الفئتين (٣).

الدليل الرابع: القياس على المضاربة بالأثمان، وهي جائزة بالاتفاق، كما سبق (٤)، بجامع أنهما عقدٌ على العمل في مال ببعض نمائه.

أدلة القول الثاني (٥):

الدليل الأول: عن رافع بن خديج - رضي الله عنهما - أنهم كانوا يؤاجرون محاقلهم على الربع وعلى الأوسق من التمر والشعير فقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تفعلوا) (٦).

وجه الدلالة: في الحديث نص على النهي عن مؤاجرة الأرض، والمساقاة استئجار للأرض ببعض الخارج منها.

المناقشة:

١. أن المساقاة من المشاركات وليست من المؤاجرات، فهي أشبه بالمضاربة.

٢. أن حديث رافع - رضي الله عنه - محمولٌ على محل الاتفاق، وسبقت أجوبة أخرى في المزارعة.

الدليل الثاني: أن المساقاة استئجار للأرض ببعض الخارج منها، وهذا منهي عنه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قفيز (٧) الطحان (٨)، وهو دفع شيءٍ للطحان ليطحنه مقابل جزءٍ منه


(١) بدائع الصنائع ٦/ ٢٨٩، خلاصة الدلائل ١/ ٦٠٢، المدونة ٥/ ٤٧٧، التمهيد ١٧/ ٥٣٦ - ٥٣٧ وقال: (الأحاديث في المساقاة متواترة)، الإشراف ٦/ ٢٧٣، المهذب مع تكملة المجموع ١٦/ ١٢٨، المغني ٧/ ٥٢٧، كشاف القناع ٩/ ٦، المحلى ٨/ ٢٢٩.
(٢) المغني ٧/ ٥٢٧، ويرد عليه ما سبق من مخالفة من ذُكر.
(٣) المغني ٧/ ٥٢٩، القواعد الكلية ص ٣٢٨ - ٣٣٧، الشرح الممتع ٩/ ٤٤٤ - ٤٤٥.
(٤) ص ٨٤.
(٥) ينظر نخب الأفكار ١٦/ ٢٨٩ - ٣٤٢.
(٦) سبق تخريجه ص ١٠٠.
(٧) القفيز: مكيال يتواضع الناس عليه، وهو عند أهل العراق ثمانية مكاكيك. النهاية، مادة قفز، ص ٧٦٤، والمكوك كتنور: مكيال يسع صاعًا ونصف. القاموس المحيط، مادة مكك، ص ٩٥٤، مرقاة الصعود ١/ ١٦٥.
(٨) رواه الدارقطني، كتاب البيوع (٢/ ٦٤٣) (ح ٢٩٥٣)، والبيهقي، كتاب البيوع، باب النهي عن عسب الفحل (٥/ ٣٣٩) مرفوعًا متصلًا، ورواه مسددٌ مرسلًا كما في "المطالب العالية" (٧/ ٣١٣) (ح ١٤٠٧)، قال ابن قدامة: (هذا الحديث لا نعرفه، ولا يثبت عندنا صحته). (المغني ٧/ ١١٨) وقال ابن تيميّة: (حديث باطل). (مجموع الفتاوى ١٨/ ٦٣، ٢٨/ ٨٨) وقال الذهبي: (منكر). (ميزان الاعتدال ٥/ ٤٣١)، وقال ابن حجر في "الدراية" (ح ٨٦٨): (وفي إسناده ضعف)، وفي "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان (٢/ ٢٧١، ٥/ ٧٧١) أنه موقوف وقال عنه في "المطالب العالية": (مرسل حسن)، وصحح الحديث عبد الحق الإشبيلي والسبكي والألباني. التلخيص الحبير ٤/ ١٩٣٩، لسان الميزان ٦/ ٢٣٩، فيض القدير ٦/ ٣٣٥، إرواء الغليل ٥/ ٢٩٥ - ٢٩٧.

<<  <   >  >>