للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يطلع على ماله غير مَن أودعه.

الدليل الرابع: القياس على ما لو أودعه دابةً فركبها أو ثوبًا فلبسه أو كيسًا مشدودًا أو صندوقًا ففتحه، فإنه يضمنه بذلك لتعديه، فكذا إذا أودعها (١).

أدلة الأقوال الأخرى:

الدليل الأول: أن المطلوب من المودَع إحراز الوديعة وحفظها، وقد أحرزها عند غيره وحفظها.

المناقشة: لم تطب نفس المودِع بأن يحفظها عند غيره، والذمم تتفاوت.

الدليل الثاني: أنه يحفظ مالَ نفسِه بإيداعه، فإذا أودع الوديعة فقد حفظها بما يحفظ به مال نفسه، فجاز كما لو حفظها في حرز نفسه.

المناقشة: يرد عليه ما ورد على الدليل السابق.

الترجيح

الراجح أنه ليس للمودَع أن يودع الحاكم أو الأجنبي لغير عذر.

سبب الترجيح: ما ذكر من أدلة مع مناقشة غيرها.

الحالة الثانية: أن يكون إيداع الوديعة لعذر كغرق أو حرق أو سفر، وفيها أقوال:

القول الأول: يجوز إيداع الوديعة مطلقًا إذا كان لعذر، وهو مذهب الحنفية (٢) والمالكية (٣).

القول الثاني: إن قدر على ردها لصاحبها أو وكيله المأمون فليس له أن يودعها، وإلا أودعها الحاكم (القاضي)، وإلا أودعها ثقة، وهو مذهب الشافعية (٤) والحنابلة (٥).

القول الثالث: إلم يقدر على ردها لصاحبها أو وكيله المأمون أودعها حاكمًا أو ثقة، وهو قول للحنابلة (٦).

القول الرابع: لا يجوز إيداع الوديعة مطلقًا، وهو قول للحنابلة (٧).

القول الخامس: يراعي الأصلح في دفعها إلى الحاكم أو الثقة فإن استوى الأمران فالحاكم،


(١) المقنع مع الشرح الكبير ١٦/ ٣٦ - ٣٩.
(٢) بدائع الصنائع ٦/ ٣٢٨، وذكر بعضهم نفي الضمان عند العذر وهو مستلزم للجواز. مجمع الضمانات ١/ ٢١٢، العناية ٧/ ٩١، واستثنوا السفر فلم يعتبروه عذرًا. بدائع الصنائع.
(٣) بداية المجتهد ٨/ ١٥٣، الفواكه الدواني ٢/ ٢٦٧، ونص آخرون على نفي الضمان. البيان والتحصيل ١٥/ ٢٨٧.
(٤) كفاية الأخيار ص ٣٨٣ - ٣٨٤، وينظر: المهذب ١٥/ ٣٨٤، الحاوي الكبير ٨/ ٣٥٨ - ٣٦٠.
(٥) المغني ٩/ ٢٦٠، فتح الملك العزيز بشرح الوجيز ٤/ ٢٧٦، كشاف القناع ٩/ ٤١٧.
(٦) المغني ٩/ ٢٦١، الإنصاف ١٦/ ٣٣.
(٧) الإنصاف ١٦/ ٣٣.

<<  <   >  >>