للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأربعة (١).

القول الثاني: منع وبطلان الكفالة بالبدن، وهو قولٌ للشافعي (٢) وقول الظاهرية (٣).

الأدلة:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: قول الله - سبحانه وتعالى -: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} يوسف: (٦٦) وجه الدلالة: التزم أبناء يعقوب - عليه السلام - بإحضار أخيهم وهذا معنى الكفالة بالنفس، قال القرطبي: (هذه الآية أصل في جواز الحمالة بالعين والوثيقة بالنفس) (٤) وقد استدل بها كثير من أهل العلم (٥).

الدليل الثاني: قوله - سبحانه وتعالى -: {قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} يوسف: (٧٨) وجه الدلالة: أن إخوة يوسف - عليه السلام - طلبوا منه أن يأخذ واحدًا منهم مكان أخيهم، وذلك في معنى الكفالة بالنفس إذا قيل إنهم أرادوا إرجاع أخيهم ليوسف - عليه السلام - فطلبوا ما طلبوا ليثق بهم، كما أفاده القرطبي ثم قال: (وجمهور الفقهاء على جواز الكفالة في النفس) (٦).

الدليل الثالث: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر رجلًا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال: (ائتني بالشهداء أشهدهم. فقال: كفى بالله شهيدًا. قال: فائتني بالكفيل. قال: كفى الله كفيلًا. قال: صدقت. فدفعها إليه إلى أجل مسمى) (٧).

وجه الدلالة: قال في"فتح الباري": (وفيه طلب الشهود في الدين وطلب الكفيل به ... ووجه الدلالة منه على الكفالة تحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك وتقريره له، وإنما ذكر ذلك ليُتأسى به


(١) بدائع الصنائع ٦/ ٨، مختصر القدوري ص ١٨١، الذخيرة ٩/ ١٩١، التاج والإكليل ٧/ ٥٧، كفاية الأخيار ص ٣٢١، نهاية المحتاج ٤/ ٢٨٣، وفيهما: (المذهب صحة كفالة البدن)، المغني ٧/ ٩٦ - ٩٧، كشاف القناع ٨/ ٢٤٨.
(٢) المهذب ١٤/ ٤٣٤، ٤٣٥ مع تكملة المجموع، نهاية المطلب ٧/ ١٦، نهاية المحتاج ٤/ ٢٨٣.
(٣) المحلى ٨/ ١١٩ - ١٢٢ أما الكفالة الجائزة عندهم فهي الكفالة بالمال (الضمان) ٨/ ١١٠.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٩/ ١٩١.
(٥) الذخيرة ٩/ ١٩١، المغني ٧/ ٩٧، كشاف القناع ٨/ ٢٤٨، نظرية الضمان الشخصي ص ٢٢١.
(٦) الجامع لأحكام القرآن ٩/ ٢٠٤.
(٧) رواه البخاري تعليقًا بصيغة الجزم، كتاب الكفالة، باب الكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها (٣/ ٩٥) (ح ٢٢٩١)، ووصلها في الأدب المفرد (ح ١١٢٨)، وأحمد (ح ٨٥٨٧)، وابن حبان (ح ٦٤٨٧).

<<  <   >  >>