للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دفعت له مثل ما دفع فهذا ربا النسيئة، والربا محرم بالنص والإجماع.

المناقشة:

١.عدم التسليم؛ لأن المعاوضة بين نقودٍ يدفعها المؤمن له من جهة وبين منفعةٍ تحصل له في المقابل، وهي تحمل تبعة الكوارث وضمان رفع أضرارها وتخفيفها، وهذه المنفعة لا تتضمن العلل الربوية، وليست من الأصناف الستة التي يجري فيها الربا (١).

الجواب: أن العبرة بالحقائق لا بالألفاظ التي يُعبَّر بها عنها، فما هي هذه المنفعة التي تتحملها شركة التأمين (المؤمن)؟ هي دفع المقابل النقدي عن الخسائر، والواقع أكبر دليل، وعليه فالمعاملة نقد بنقد مع تفاضل ونسأ أو الثاني فقط، بالإضافة إلى أن شركات التأمين تستثمر أموال المؤمِّنين في البنوك الربوية أو تقوم بإعادة التأمين لدى من يستثمرها فيها.

الرد: يمكن فصل عقْد التأمين عن الربا بأن تجعل الأموال فيه مما لا يجري الربا بينها بأن يدفع الأقساط نقدًا ويكون التعويض سيارة أو خدمات طبية أو نحوهما (٢).

٢.أن المؤمِّن قد لا يدفع شيئًا، فإذا لم يقع الخطر المتفق على التعويض بسببه لن يكون ثَم نقود في مقابل نقود.

الجواب: العبرة بكون العقد من الربا، وقد أُبرم، لا بالالتزام به.

الدليل الخامس: أن التأمين التجاري من بيع الدين بالدين، لأن الأقساط التي سيدفعها المؤمن له دينٌ في ذمته، ومبلغ التعويض الذي سيدفعها المؤمن دين في ذمته، فيحرم قياسًا على تأجيل عوض المسلَم فيه، وهو محرم بالإجماع (٣)، وهذا الدليل لا ينطبق إلا على العقود التي يكون قسط التأمين فيها مؤجلًا (٤).

في أدلة أخرى هذه أبرزها.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: أن الأصل في المعاملات الحل والصحة، ولم يرد دليل بمنعها بعينها لا في الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع، ولا يُعلم أحد من المتقدمين تكلم فيها؛ لكونها حدثت قريبًا، فيجري فيها الخلاف في حكم الانتفاع بالأشياء قبل ورود الشرع، ومذهب جمهور


(١) أبحاث هيئة كبار العلماء ٤/ ١٢٤، موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة ص ٣٨٩، الربا والمعاملات المصرفية ص ٤٢١.
(٢) التأمين على رخصة قيادة السيارات إلزامًا: ضمن مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد ٦٠ ص ١٠٦.
(٣) المغني ٦/ ٤١٠، مجموع الفتاوى ٢٠/ ٥١٢.
(٤) عقود التأمين ص ٨٧ - ٨٨، المعاملات المالية المعاصرة ص ١٠٣ - ١٠٤.

<<  <   >  >>