للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التصور) (١)، وإعطاء حكمٍ لا يمكن أن يلتزمه المكلف أيضًا خطأ؛ لأن الشريعة ليس فيها تكليف بمحال، وكثير من البحوث والاجتهادات لا تجد نصيبًا من التطبيق وخوض غمار التغيير ولا ترى النور، وذلك لأمورٍ هذا منها، وفي كثير من دول العالم تقوم مراكز البحوث والدراسات بدور أصيل في التغيير وصناعة القرار؛ لأنها من الواقع وإليه، فإذا وجدت مشكلة أمنية رفعت -بعد الرصد السليم- لمراكز البحوث والدراسات الأمنية، وعلى ضوء نتائجها تقدم الحلول القابلة للتنفيذ، ثم تقوم الجهة المسؤولة بتنفيذها مع المتابعة المرحلية لمعرفة جدوى الحلول واختبار مناسبتها، وقل مثل ذلك في المشاكل الصحية والاجتماعية وغيرها.

إن التأمين من العقود المنتشرة والملّحة في هذا العصر، ومن أكثر المسائل بحثًا ودراسة في العالم الإسلامي، وبعض الأقوال في حكم التأمين وفي حكم إعادة التأمين هي حلول وقتية، جاءت تحت ضغط الواقع؛ لذلك أخذت حكم الضرورة والترخص المؤقت، وتشكلت قناعات على ضوء ما فرضه العصر، رغم أن البدائل السليمة للتأمين التجاري كثيرة ومتيسرة ومجرَّبة -ولله الحمد- (٢)، ولا يعجز الفقه الإسلامي عن وضع الحلول السليمة لكل نازلة، مع القناعة التامة أن ما يجري التعامل به في العالم مما هو مخالف للشريعة ضررٌ محضٌ، ولو اغتر بعضنا ببريقه، وأنهم يعترفون دائمًا وأبدًا بصلاحية الحل الإسلامي الذي يجب أن يبقى أصيلًا مواكبًا.

وأستشهد بما جاء في مقدمة "فتاوى التأمين": (وقد ثار الجدل سابقًا-ولا يزال- بشأن مشروعية التأمين التقليدي الذي كان وحده في المجال -كما يظهر من بعض الفتاوى-، ولكن الكفة رجحت أخيرًا إلى تأييد وتعزيز التأمين الإسلامي التعاوني، يدل على ذلك المسارعة لإنشاء تلك الشركات وتحول بعض شركات التأمين التقليدي إلى الالتزام بالأحكام الشرعية وتعاون شركات إعادة التأمين التقليدية مع شركات التأمين الإسلامية بتطوير تطبيقاتها تجاهها) (٣)، مما يعني أن الحل الإسلامي قادر على أن يفرض نفسه في سائر مجالات الحياة، التأمين وغيره، والحمد الله رب العالمين.

الراجح تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه مطلقًا.


(١) الفكر السامي ص ٧٨١.
(٢) ينظر مثلًا: المعاملات المالية المعاصرة ص ١١٣ - ١٤٠، قضايا في الاقتصاد والتمويل الإسلامي ص ٢٩٤ - ٣١٠، التأمين وأحكامه للثنيان ص ٢٨٥ - ٣٤٣.
(٣) فتاوى التأمين من الأمانة العامة للهيئة الشرعية بمجموعة دلة البركة ص ٣، وينظر في تفوق المصارف الإسلامية على المصارف التقليدية: بحوث في فقه البنوك الإسلامية ٢/ ٥٤٥.

<<  <   >  >>