فيه، وأما توكيل الوكيل فمتى اقترن بالوكالة تصريح بالنهي أو الإذن في التوكيل عُمل بمقتضى التصريح، وإذا أطلق وقامت قرينة الإذن مثل ألا يكونَ الوكيل ممن يباشر عمل الوكالة بنفسه عادةً فيجوز له التوكيل، وإن كان -مع الإطلاق- يعجز عن مباشرة العمل بنفسه جاز له التوكيل في ما يعجز عنه، فإن كان قادرًا وهو ممن يباشر مثله هذا العمل فلا يجوز له التوكيل، وأما إيداع الوديعة عند غير من يحفظ مال المودِع أو المودَع عادةً فإن كان لغير عذر فليس للمودع أن يودع وإن كان لعذر كخوف الغرق والحرق فإن قدر على رد الوديعة لصاحبها أو وكيله المأمون فليس له أن يودع، وإلم يقدر فله أن يودع، ويقدّر الأصلح فيمن يودعها عنده، وأما وقف الموقوف من قبل الموقوف عليه فإما أن يرجع للعين الموقوفة، أي: الأصل، فلا يجوز ذلك؛ لأن المشغول لا يشغل، وإما أن يراد ثمرة الوقف وغلته فيجوز للموقوف عليه المعيَّن أن يقفها بحيث لا ينافي الوقف الأول وشروطه، وأما إعادة التأمين فيجوز إن كان التأمين الأصلي تعاونيًا وكانت إعادته كذلك، أما إن كان أحدهما تجاريًا فلا يجوز.
فتلخص لنا واحد وعشرون عقدًا جائزًا، وعشرة عقود ممنوعة، وخمسة عقود فيها تفصيل، فهذه ستةٌ وثلاثونَ بالتفصيل، وترجع في الإجمال إلى خمسةٍ وعشرينَ عقدًا.
هذا، ولله در ابن الوردي -رحمه الله- إذ يقول:
فالناس لم يُصنِّفوا في العلمِ ... حتى يكونوا هدفًا للذمّ
ما صنَّفوا إلا رجاءَ الأجرِ ... والدعواتِ وجميلِ الذكر
لكن فديتُ جسدًا بلا حسدْ ... ولن يُضيعَ اللهُ حقا لأحدْ
واللهُ عند قولِ كل قائلِ ... وذو الحِجا من نفسه في شاغل