للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا تم البيع الثاني أثناء مجلس البيع الأول وقبل التفرق أو في مدة خيار الشرط -أي قبل استقرار البيع الأول- فهذا نوع من التصرف في المبيع في مدة الخيار، وهو تصرفٌ ناقلٌ للملكية، وفي ذلك خلاف يرجع للخلاف في ملك المبيع في مدة الخيار-وهو سبب الخلاف في حكم التصرف-، وفي ذلك أقوال (١):

القول الأول: أنه إذا كان الخيار لهما فملك المبيع للبائع وملك الثمن للمشتري، وإذا كان الخيار للبائع وحده فملك المبيع له، والثمن يخرج عن ملك المشتري ولا يدخل في ملك البائع، وإذا كان الخيار للمشتري وحده فملك الثمن له، والمبيع يخرج عن ملك البائع ولا يدخل في ملك المشتري، وهو مذهب الحنفية (٢)، وعليه فبيع البائع للمبيع فسخٌ للبيع الأول، وليس له ذلك إذا كان الخيار للمشتري وحده (٣).

القول الثاني: أن ملك المبيع للبائع وملك الثمن للمشتري، سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما، وهو مذهب المالكية (٤)، وعليه فبيع البائع للمبيع فسخ للبيع الأول.

القول الثالث: أن ملك المبيع لمن له الخيار منهما، فإن كان الخيار لهما فملك المبيع والثمن موقوف، وهو مذهب الشافعية (٥)، وعليه فبيع البائع للمبيع فسخ للبيع الأول وبيع المشتري إجازةٌ وإمضاءٌ (٦).

القول الرابع: أن ملك المبيع للمشتري وملك الثمن للبائع سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما، وهو مذهب الحنابلة (٧)، وعليه فيحرم ولا يصح بيع المبيع إلا بإذن الطرف الآخر أو يكون التعاقد معه إلا المشتري فمتى كان الخيار له وحده فإن بيعه إمضاءٌ للبيع وفسخٌ وتركٌ


(١) وبه يعلم حكم بيع المشتري للمبيع في مدة الخيارين.
(٢) بدائع الصنائع ٥/ ٤٢٧، العناية ٥/ ١١٥.
(٣) حاشية ابن عابدين ٧/ ١١١ - ١٢٩.
(٤) حاشية الدسوقي ٣/ ١٠٣، مواهب الجليل ٦/ ٣١٩ - ٣٢٠، ٣٢٣، وهو قول الصاحبين محمد بن الحسن وأبي يوسف، كما في "بدائع الصنائع" ٥/ ٤٢٧ و"العناية" ٥/ ١١٥.
(٥) نهاية المطلب ٥/ ٤٠، البيان ٤/ ١٩٦، المجموع ١٠/ ٣٠٥ - ٣٠٧.
(٦) نهاية المطلب ٥/ ٤٧، نهاية المحتاج ٤/ ١٢ - ١٥، وسبق ص ٢٣ - ٢٤.
(٧) المغني ٦/ ٢٠، الإنصاف ١١/ ٣٠٢ - ٣٠٣، الروض المربع ٦/ ١٣٥ - ١٣٨.

<<  <   >  >>