للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقبضه» (١).

وجه الدلالة: أن مفهوم الحديث أن من ابتاع الطعام بغير الكيل أو الوزن فإنه لا يشترط قبضه.

المناقشة: أننا نقول بهذا الحديث وبما استدللنا به من أدلة، وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، مع كون أحاديث المنع المطلق من هذا القيد أصح من هذا الحديث وأكثر، وهذه الزيادة يمكن حملها على الغالب والمعتاد، فلا يكون إعمال مفهوم المخالفة فيها صحيحًا، بدليل فهم ابن عباس وجابر - رضي الله عنهم - وأغلب التابعين والفقهاء.

الدليل الثاني: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: (ما أدركت الصفقة حيًّا مجموعًا فهو من مال المبتاع) (٢).

وجه الدلالة: أن معنى الأثر أن ما وقع عليه العقد وهو لم يتغير عن حالته فهو من ضمان المشتري، وعليه فتملُّكه له حصل قبل قبضه، فجاز له بيعه.

المناقشة:

١. أن هذا يدل على عدم اشتراط القبض مطلقًا، والمستدل يشترطه في المكيل والموزون.

٢. أن دخول المبيع في ملك المشتري لا يلزم منه جواز بيعه له قبل القبض؛ لذا سبق ذكر الإجماع على جواز عتق المملوك المشترى قبل قبضه.

٣. أنه لو تلف لكان من ضمان البائع عند المستدل (٣)، وهذا ترك لظاهر الأثر مع الاستدلال به في غير محله.

كما أنه لا ملازمة بين جواز التصرف والضمان (٤).

الدليل الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى من جابر - رضي الله عنه - جمله ووهبه له قبل القبض (٥).


(١) رواه أحمد (١٠/ ١٣٩) (ح ٥٩٠٠)، وفيه ابن لهيعة، والراجح ضعفه مطلقًا، لكنه يعتبر به، وهوقول أحمد وابن معين وأبي زرعة وأبي حاتم والقطان والجوزجاني وابن حبان والنسائي وغيرهم، تهذيب الكمال ١٥/ ٤٨٧. و (لا) نافية بمعنى النهي.
(٢) رواه البخاري تعليقًا بلفظ: (من المبتاع)، كتاب البيوع، باب إذا اشترى متاعًا أو دابة فوضعه عند البائع أو مات قبل أن يقبض (٣/ ٦٩)، ووصله الدارقطني، كتاب البيوع (٢/ ٦٥٢) (ح ٢٩٧٣).
(٣) المراد الحنابلة: المغني ٦/ ١٨٤،١٨١، الروض المربع ٦/ ١٨٩، وينظر فتح الباري ٥/ ٦٠٢.
(٤) مجموع الفتاوى ٣٠/ ٢٧٦.
(٥) حديث جمل جابر - رضي الله عنه - رواه البخاري في مواضع، منها: كتاب البيوع، باب شراء الدواب والحمير (٣/ ٦٢) (ح ٢٠٩٧)، ومسلم، كتاب الرضاع (٤/ ١٧٧) (ح ٣٦٤١)، وتأتي بعض ألفاظه.

<<  <   >  >>