للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: يجوز، ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية (١)، وحقيقته بيع الدين على غير من هو عليه.

ثانيًا: الحكم الوضعي:

فيه قولان:

القول الأول: أن الإجارة الثانية تكون موقوفة على إجازة المستأجر الأول، فإن أجازها جازت وإن أبطلها بطلت، وهو مذهب الحنفية (٢) وقول الشافعي في القديم (٣).

القول الثاني: إذا أجر المؤجر العين لغير المستأجر الأول ففيه حالتان:

الأولى: إن أجرها قبل تسليم العين للمستأجر الأول: فتنفسخ الإجارة الأولى (٤).

الثانية: إن أجرها بعد تسليم العين للمستأجر الأول: ففيه احتمالان عند الحنابلة:

الأول: لم تنفسخ الإجارة، وعلى المستأجر جميع الأجرة، فإذا منعه بالعقد الثاني من الانتفاع فله على المالك أجرة المثل في المدة التي يؤجرها لغيره، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة (٥).

الثاني: تنفسخ الإجارة في المدة التي عقد عليها المؤجر مع غير المستأجر (٦).

الأدلة:

أدلة القول الأول في الحكم التكليفي:

الدليل الأول: أن المستأجر يملك المنافع بالعقد، كما يملك المشتري المبيع بالبيع، ويزول مِلك المؤجر عنها، كما يزول مِلك البائع عن المبيع، فلا يجوز له التصرف فيها؛ لأنها صارت مملوكة لغيره، كما لا يملك البائع التصرف في المبيع (٧).


(١) الأخبار العلمية في الاختيارات الفقهية للبعلي ص ٢٢١، وفيه: (ويجوز للمُؤْجِر إجارةُ العينِ المُؤْجَرَة من غير المستأجر في مدة الإجارة، ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول) ا. هـ، اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية للبرهان ابن قيم الجوزية ص ١٢٩ - ١٣٠، الإنصاف ١٤/ ٣٥٩ - ٣٦٠.
(٢) بدائع الصنائع ٤/ ٣١٧،٢٧١، ٥/ ٢٤٨ - ٢٥٠، حاشية ابن عابدين ٧/ ٣١٨ - ٣١٩.
(٣) في نهاية المحتاج ٣/ ٣٥٤ أن بيع الفضولي في القديم موقوف، وقال: (وشراؤه وسائر عقوده)، المجموع ١٠/ ٣٩٧ - ٤٠٤
(٤) قال في المغني ٨/ ٢٦ والإنصاف ١٤/ ٤٣٦: (وجهًا واحدًا).
(٥) الإنصاف ١٤/ ٤٣٥، كشاف القناع ٩/ ١١٥.
(٦) الاحتمالان في: المغني ٨/ ٢٥ - ٢٦، شرح الزركشي ٢/ ٢٢٨، وفي "المعايير الشرعية"، معيار الإجارة، ص ١٣٧،١٤٨، البند ٤/ ٢/٢ عدم صحة إجارة المؤجر للعين المؤجرة لمدة معينة في تلك المدة، ما دام العقد الأول قائمًا.
(٧) المغني ٨/ ٢٥، الشرح الكبير ١٤/ ٤٣٧.

<<  <   >  >>