للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التحريم احتياطًا (١).

الرد على الجواب: عدم التسليم بجعل الضمان فرعًا عن حقيقة القبض بل التمكين من القبض أولى بذلك من حقيقة القبض، كما أطال في تقريره أبو العباس ابن تيمية (٢).

الدليل الرابع: أنه يربح في ما لم يضمن فلم يجز، كما لو ربح في طعامٍ قبل قبضه.

المناقشة:

١. تبين بطلان العلة المذكورة مما سبق في مناقشة الدليلين السابقين.

٢. لا يصح القياس على بيع الطعام قبل قبضه، فإن البيع هنا ممنوع منه بالكلية سواءٌ ربح أو لم يربح إلا عند بعضهم (٣).

دليل القول الرابع: استدلوا على المنع من الزيادة أو عدم طيبها -في الأصل- بالأدلة السابقة، واستدلوا على الجواز إذا أحدث عملًا أو زيادةً أو إذا أجر معها ما يجوز له بأن الزيادة في مقابلة ما زاده من ماله أو عمله (٤).

المناقشة: أن كنس الدار وتنظيفها عملٌ يزيد في أجرها عادةً (٥)، ورغم ذلك لا تطيب معه الزيادة عندكم كما في "المبسوط" (٦) وغيره، ومن جهة أخرى فإن الإحداث في غير ملكه بلا إذن لا يجوز، فالمستأجر لم يملك العين إنما ملك المنفعة.

دليل القول الخامس: يمكن أن يستدل له في المنع من الزيادة بالأدلة السابقة، وفي الجواز مع إذن المالك بأن هذه الزيادة متعلقة بملكه؛ لأن سببها أصل ماله، والمنع من الزيادة مراعاةً للمالك حتى لا يضيق صدره عندما يرى المستأجر منه يؤجر بأكثر مما أجره به، وهو يرى أنه أولى بهذه الزيادة، كالنهي عن البيع قبل القبض.

المناقشة: أن المالك لا يحق له التصرف في المنفعة بعد إجارته لها، ونقل ملكها للمستأجر، ولذا فلا عبرة بإذنه في أن يؤجر بزيادة، وإنما الجواز مستفاد من أدلة الشرع استنادًا لتمام الملك.

الترجيح

الراجح -والله أعلم- القول بجواز إجارة المستأجر للعين المؤجرة على غير المؤجر بأكثر


(١) المحيط البرهاني ٩/ ١٢٥.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٠/ ٣٤٢ - ٣٤٥، ٢٩/ ٣٩٨ - ٤٠٤، ٣٠/ ٢٧٦.
(٣) المغني ٨/ ٥٦، وسبق أن من العلماء من يجيزه إذا كان توليةً.
(٤) المبسوط ١٥/ ٨٧، حاشية ابن عابدين ٩/ ٤٨.
(٥) المغني ٨/ ٥٦.
(٦) ١٥/ ٨٧

<<  <   >  >>